وائل لفظ: «على الصدر» أيضًا، وهو معلولٌ (?) عندي قطعًا، لأنه لم يَعْمَلْ به أحدٌ من السلف، ولا ذهب إليه أحدٌ من الأئمة، إلا ما وقع في كتاب «الأنوار» للأَرْدَبِيلي.

وفي عامة كُتُب الشافعية: فوق السرة وتحت الصدر، قال ابن حَجَر المكي في «شرح المشكاة» إن معناه قريبٌ من الصدر، ولعلَّ هذا هو مَحْمَل كلام «الحاوي» أيضًا. ومرّ عليه ابن القيم في «إعلام الموقِّعين» - وقال: إن الحديثَ رواه ابن خُزَيْمة وجماعةٌ، مع أنه لم يروه غير ابن خُزَيْمة، اللهم إلا أن يكون مراده منه أصل الحديث بدون هذا اللفظ. ثم عند البزَّار في هذه الرواية: عند الصدر، وفي «المصنَّف» لابن أبي شيبة: تحت السُّرَّة، فاضْطَربت الروايةُ جدًا. وأول من نبَّه على تلك الزيادة الأخيرة العلامة القاسم بن قُطْلُوبُغَا. ثم إن لفظ: «تحت السُّرَّة» (?) لم يوجد في بعض نسخه، فظنَّ المُلاّ حياة السِّنْدِهي أنه وَقَعَ فيه سقطٌ وحذفٌ، ثم صار متن الأثر مرفوعًا.

قلتُ: ولا عجبَ أن يكون كذلك، فإِني راجعت ثلاث نَسُخ «للمصنف»، فما وجدته في واحدةٍ منها. والحاصل أن رواية وائل رواها غيرُ واحدٍ، ولم يَرْوِها أحدٌ على لفظ ابن خُزَيْمَة، وإنما زادها راوٍ بعد مرور الزمان، فهو ساقطٌ قطعًا، فلا يجمد عليها مع فقدان العمل به. ثم إن الشيءَ قد يكون مسمَّى، ولا يكون مدارًا للعمل. قال تعالى: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ: 46] ومعلوم أنه لم يذهب أحدٌ إلى أن المأمورَ به هو القيام كذلك، بل معناه منفردًا أو جماعةً. وحينئذٍ لو سلَّمنا تلك الزيادة لم يَلْزَم كون المراد به الوضع على الصدر، بل المراد ما ذكرنا أي الوضع على خلاف الإِرسال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015