للقرينة الظاهرة، أما الكلام في إسناد رواية الطَّحَاوِيِّ، فقد ذكرناه في الترمذي.
والجواب الثالث للطَّحَاوِي: أنا لو سلَّمنا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَعْلَمُ صنيعه ذلك، ومع ذلك لم يُنْكِرْ عليه، فأيُّ دليلٍ عندكم على أنه لم يكن في زمنٍ كان يصلِّي فيه الفرائض مرتين، ومرَّ عليه ابن دقيق العيد في «شرح عمدة الأحكام»، وقال: إن الطَّحاويَّ وإن حَمَلَه على زمان تكرار الفرائض، ولكن لم يبيِّن مُسْتَنَده في ذلك. قال الحافظ رحمه الله: وكأنه لم يَقِفْ على كتاب الطَّحَاويِّ، فإن الطَّحَاوِيَّ قد ذكره في باب صلاة الخوف، وذكر نسخه من قوله: «لا تُصَلُّوا صلاةً في يومٍ مرتين»، قلتُ: ورجاله كلُّهم ثقاتٌ إلاّ خالد، وقد ذَكَرْتُ تحقيقه في درس الترمذي.
فهذه ثلاثة أجوبة للطَّحَاويِّ، وذلك تقريرها، والذي كُشِفَ لي بفضل المفضل المنعام: أنه لا تكرار ههنا أصلا إلا في واقعة، فإن ما يذكره الرواة في عادته هو صلاته مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وصلاته في قومه فقط، أمَّا أنه كان يُصَلِّي بهم عينَ ما صلَّى خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلم يتكلَّم به أحدٌ منهم ولا حرفٍ، وإنما هو من بداهة الوهم (?)، أَلا ترى إلى لفظ البخاريِّ: «كان مُعَاذ بن جبل يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثم يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قومه ... » الخ، فأين فيه أنه كان يكرِّر صلاةً واحدةً بعينها، وإنما فيه أن عادته كانت بصلاته معه صلى الله عليه وسلّم ثم الصلاة بهم بعد رجوعه عنه، وليس فيه أنها كانت عينَ تلك الصلاة.