رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا. طرفه 7175 - تحفة 7800
وصرَّح الحنفية أن الكراهة فيها تنزيهية.
قوله: (والمولى)، قالوا: إنه مصدرٌ ميمي، وأورد عليهم أنه يذكَّر ويؤنَّث، فيُقَال: مولاة، والمصدر لا يذكَّر ولا يؤنَّث. وعندي أنه اسم مفعول أصله مولية، فحذف فيه كما حذف في لفظ المعنى، فهو لفظ آخر وليس مؤنَّث المولى.
قوله: (من المُصْحَفِ)، والقراءة من المُصْحَفِ مُفْسِدَةٌ عندنا، فتأوَّله بعضُهم أنه كان يَحْفَظُ من المُصْحَف في النهار، ويقرؤه في الليل عن ظَهْرِ قلب.
قلتُ: إن كان ذَكْوَان يقرأُ من المُصْحَفِ، فلنا ما رواه العَيْنِي رحمه الله: أن عمر رضي الله عنه كان ينهى عنه، ورأيتُ في الخارج: أنه كان من دَأْب أهل الكتاب، فإِنهم لا يتمكَّنون أن يقرأوا كُتُبهم عن ظَهْر قلبٍ، على أنه مخالفٌ للتوارث قطعًا.
قوله: (وولد البَغِيِّ)، والكراهةُ فيه تنزيهيةٌ إذا كان صالحًا، وكذا في الأعرابيِّ، والغلام الذي لم يَحْتَلِم، وهو مذهب الشافعية، وتمسَّك له البخاريُّ بقولهصلى الله عليه وسلّم «يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ»، فأطلق فيه ولم يَفْصِل بين أن يكون أعرابيًّا أو غلامًا، ولا يُمْنَعُ الغلام عن الجماعة، فإِذا لم يكن له مانعٌ، فأيُّ قصورٍ في إمامته؟ ثم أخرج حديثًا وَرَدَ في باب الولاية، فتمسَّك منه على الإِمامة الصغرى، لكونهما من بابٍ واحدٍ. وهذا على نحو ما حرَّره الأصوليون من اعتبار عين العلِّة في عين حكم الحكم، والجنس في الجنس، والعين في الجنس، والجنس في العين، والمتحقِّق ههنا هو الثاني.
فالحديث مَسُوقٌ في الإِمامة العامة، وكذا المراد من الإطاعة هو عدم البغاوة، دون الإطاعة في أفعال الصلاة، وتمسَّك منه المصنِّف رحمه الله على الإمامة في الصلاة. وإذن تمسُّكه منه على الإمامة الصغرى والإِطاعة فيها من باب اعتبار جنس الوصف - أي الإِمامة الصغرى - في جنس الحكم - أي الإِطاعة في أمر الصلاة - وأنت قد عَرَفْتَ أن التمسُّكَ بالعمومات ضعيفٌ عندي؛ ألا ترى أنّ كون الإمام قُرَشِيًّا من شرائط الإمامة العامة، بخلاف إمامة الصلاة؟ فإن تَمَسَّكَ أحدٌ من قوله: (اسْتُعْمِل) فسيأتي شرحه عن قريبٍ بما لا يَرِدُ علينا.
وتمسَّك الشافعية بإمامة عمرو بن سَلَمة (?) عند أبي داود.