ألفاظه لا يُوْجَدُ إلا على اللفظ العام، ولاشتراك الإسناد في الموضعين، ولنقل ابن الجوزيِّ في كتاب «الناسخ والمنسوخ»، عن الأَثْرَم تلميذ أحمد رحمه الله تعالى: أنه معلولٌ. ثم وَرَدَت في الحديث العامِّ زيادةٌ عند الدارقطني و «مسند البزار» هكذا: «بين كل أذانين صلاةٌ إلا المغرب». اهـ. وهو عجيبٌ، فإن استثناء المغرب يُنَاقِضُ صراحةً قوله: «صَلُّوا قبل المغرب». ولا يلتقي الأمرُ بها مع استثنائها حتى يلتقي السُهَيْل مع السُّهَا.
قيل: في إسناد الاستثناء حَيَّان بن عبد الله، وقال ابن الجوزيّ: إنه كذَّابٌ، ومَرَّ عليه الزَّيْلَعِيُّ وقال: إنه اثنان: ابن عبد الله: وهو كذَّابٌ، وابن عُبَيْد الله: وهو ثقةٌ، ونقل عن البزار: أن حيان ههنا هو ابن عُبَيْد الله، وهو بصريٌّ ثقة. ومرَّ عليه السيوطي في «اللآلىء المصنوعة»، وقال: وسها ابن الجوزيِّ في حكمه بالوضع، ثم قرَّره بما مرَّ (?). فالروايةُ صحيحةٌ، ويقضي العجب من مثل الحافظ حيث نَقَلَ عبارةَ ابن الجوزيِّ، ولم يَنْقُل عبارةَ البزَّار، ولا وجهَ له غير أنه كان فيه نفعٌ للحنفية ولا يريده، وإلا فالحافظُ ليس غافلا عن هذه الأشياء، والله المستعان.
قلتُ: ولعلَّ الحديثَ كان بدون الاستثناء، إلا أن الراوي لمَّا لم يُشَاهد بهما العمل، ألحق به الاستثناء من قِبَل نفسه، كما فعل ابن عمر رضي الله عنه، وبنى نفيه على انتفاء المشاهدة عنده. فعند أبي داود قال: «سُئِلَ ابن عمر رضي الله عنه عن الركعتين قبل المغرب، فقال: ما رأيتُ أحدًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلِّيهما» ... إلخ. فليس عنده غير تلك المشاهدة، فبنى عليها النفي. وهكذا حالُ من زاد الاستثناء، فإنما زاده لأجل أنه افتقد بهما العملَ، لا أنه كان مرويًا عنده جزئيًا.
وتحصَّل من المجموع: أن في الباب ثلاث روايات: الأولى: الحديث العام بدون تعرُّض