الزَّبيدي عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه (?): أن الإيمان يزيد ولا ينقص، ولعله كلام في مرتبة محفوظة، كما هو ملحظ الإمام، وهي التي تقبلُ الزيادة باعتبار الانبساط والانشراح، فلو كان مجرد الاتباع في التعبير شيئًا، فالاتباع بلفظ الحديث أولى كما رُوي عن الإمام رضي الله تعالى عنه.
نُسب إلى الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه أن الإيمان محله القلب، ونُسب إلى إمامنا رحمه الله تعالى أنه في الدِّماغ، كما في «مجمع البحار» ولا أعتمد عليه، لأني لم أجد تلك النسبة في أحد من كتب القدماء، مع أن في كتاب الجنائز من «الهداية»: أن الإمام إنما يقوم حذاء الصدر، لأن الإيمان في القلب، فدل على كونه محلَّ الإيمان عند الحنفية.
قلت: وذهب الأطباء إلى أن العلوم في الدِّماغ.
وصَدَع القرآن في غير واحد من الآيات أن الإيمان في القلب وقد تحقق (?) عندي أن مَعْدِنَ الإيمان هو القلب، والمُظهِرُ هو الدِّماغ، ولقلة الفصل بين الانبعاث من القلب وظهوره في الدماغ قيل: إن الإيمان في الدماغ. وإنما اضطررتُ إلى التأويل المذكور، لأن القرآن صَدَعَ في غير واحد من الآيات بكون محله هو القلب، وإذن لا أصرفها عن ظاهرها.
فائدة: واعلم أن القلبَ كأنه إنسانٌ صغير بين جَنبي الإنسان الكبير، عليه مدارُ صحته، وسَقمِهِ، وصلاحِهِ، وفساده، وقد خلقه الله تعالى منكوسًا. ووجهه على ما ظهر لي: أن الله تعالى خلق الخلق على أنحاء: فمنه ما هو شاخصٌ من التحت إلى الفوق كالشجر. فإن أصله في الأرض وفرعه في السماء. ومنه ما هو منبسط في العرض كالحيوانات، فإنها خَلْق متوسط. وأما الإنسان فإنه لما هبط من السماء إلى الأرض صارَ خلقه كله من الفوق إلى التحت، فإن