قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَرَجَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا». فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِهِ يَدَهُ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَبَدَّدَ لِى عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ ثُمَّ ضَمَّهَا، يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِى الْوَجْهَ عَلَى الصُّدْغِ، وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لاَ يُقَصِّرُ وَلاَ يَبْطُشُ إِلاَّ كَذَلِكَ وَقَالَ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا هَكَذَا». طرفه 7239 - تحفة 5915 - 150/ 1
571 - قوله: (قال ابنُ عباس رضي الله عنه: فَخَرج نبي الله صلى الله عليه وسلّم كأنِّي أَنْظُر إليهِ الآن) ... الخ، وهذه الواقعة متأَخِرَة جدًا، فإِنَّ ابن عباس رضي الله عنه جاء السنة الثامنة وقد أَدْرَكها، ثُمَّ إِنَّ نحو قوله: (كأَنِّي أَنْظُر) ... الخ، سَمَّاهُ النُحَاة استحضارًا وحكاية للحال والظاهر أَنَّه لم يُرِد بذلك بيان التثبُتِ فقط، بل أَرَادَ شِرْكته فيها.
571 - قوله: (على الصُّدْغ وناحية اللحية) وهي في اللغة ما نبَتَت على لحييه. ويقال لها في الهندية: دارهى. لهذا المعنى لأنَّها تنبُتُ على الضرس - داره.
وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا.
572 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ الْمُحَارِبِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ قَالَ «قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إِنَّكُمْ فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا». وَزَادَ ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ. أطرافه 600، 661، 847، 5869 - تحفة 657، 791
وهو مستحبٌ إلى الثُلث، وجائزٌ إلى النِّصف بلا كَرَاهة، وبعدَهُ مع كراهةٍ تنزيهية، كذا حَقَّقَهُ ابنُ أمير الحاج. وإليه ذَهَبَ الطحاوي. واخْتَارَ بعضُهم التحريم إلا أَنَّهم استثنوا منه المسافر، فيجوز له بعد النِّصف بدونِ كَرَاهة.
قلتُ: واستثني المسافر في المغرب أيضًا، فإِنَّ الحنفية إذا قالوا بالجمع الصُّوْري لَزِمَهُم القول بجوازِ تَأْخِيرِها وإِنْ كانت السُّنَّة فيها التعجيل. ونُسِبَ إلى داود الظاهري والحسنِ بنِ زياد من الحنفية أَنَّ وَقْتَ العشاء إلى نِصْفِ الليل.
572 - قوله: (ما انتظرتُمُوها) وقد وَرَدَت في فضيلةِ انتظارِ الصَّلاةِ بعد الصَّلاة أحاديث ولم أتحقق لها صورة العمل غير إشارة في «شرح الموطأ» للباجي: أنَّ السَّلف كانوا يَنْتَظِرون الصَّلاة بعد الصَّلاة وهكذا يُسْتَفَادُ من رِوَاية ابنِ ماجه ووجه التَّرَدد أني لا أرى في السَّلفِ شُهرة