والعصر فقط كما في النسائي إلا أَنَّ الشيخ السيوطي رحمه الله تعالى ذَهَبَ إلى أنَّ العشاء الآخرة لم يصلِّها نبي أيضًا فيمكِنُ أَنْ يقال: إنَّها مختصة بهذه الأمة بوصفِ الفرضية، ومن دونهم وإنْ صَلوها فعلَى شاكلة النافلة، وحينئذ معنى قوله: ما ينتظرها أي من حيث الفرضية، وقيل (?) إنَّ الإِسلامَ لم يَفْشُ إذ ذاك إلى الأَطْرَافِ كما في متن الحديثِ فيكون الحصر بالنِّسْبَة إلى الكُفَّار.

قال الحافظُ: والمرادُ أنَّها لا تُصَلَّى بالهيئةِ المخصوصة، وهي الجماعة إلا بالمدينة، وبه صرَّح الدَّاودي، لأنَّ مَنْ كان بمكةَ مِنَ المستضعفين لم يكونوا يُصلُّون إلا سِرًا، وأمَّا غير مكة والمدينة مِنَ البلادِ فلم يَكُنِ الإِسلام دَخَلَها.

قلتُ: ويمكِنُ أَنْ يكون قوله بالنسبةِ إلى المسْجِدِ النَّبوي، فإِنَّ المساجدَ اليوم كانت تسعة كما عند الدَّارَقُطْني بإِسنادٍ ضعيف، وراجع كلام السمهوري فإِنَّه أيضًا ذَهَبَ إلى التعدد، وحينئذٍ يمكِنُ أَنْ يكون مراده ما يَنْتَظِرُها غيركم الذين قَدْ صلَّوْها في مساجدهم وَرَقَدوا؛ أمَّا دعوى السيوطي رحمه الله تعالى فتحتاج إلى تأمل.

24 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ

568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِى بَرْزَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. أطرافه 541، 547، 599، 771 - تحفة 11606

ولا بَأس به إذا كان عِندَهُ مِنْ يوقِظُهُ، أو كان مِنْ عادتِه أنَّه لا يَسْتَغْرق وقت الاختيار بالنَّوم. وحَمَل الطحاوي الرخصة على ما قَبْلَ دخولِ وَقْتِ العشاءِ والكراهةَ على ما بعدَ دُخولِهِ.

25 - باب النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ

569 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَخْبَرَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ الصَّلاَةَ، نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ فَقَالَ «مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ». قَالَ وَلاَ يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. أطرافه 566، 862، 864 - تحفة 16499

فقسم على الحالات وأَجَازَ لِمن غَلَبَ عليه النَّوم وكَرِهَهُ لمن لم يكُن كذلك.

569 - قوله: (فيما بين أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ) ... الخ. قال الفراء - واسمه يحيى: إنَّ الشَّفَقَ هو البياض، قال الإِتْقَاني في «غاية البيان شرح الهداية»: إنَّ الإِمام محمدًا والفراء ابنا خالة، وهو متقدم عن الشيخ ابنِ الهُمَام رحمه الله تعالى، ونَقَل عن الخليل أَنَّ البياض قد يَبْقَى إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015