وعن أَبي هريرة أَنَّه لم يُصَلِّ العصرَ حتى رأينا الشمسَ على رَأْسِ أَطْوَل جبلِ المدينة، وهو الوقت الذي ذهب إليه الحنفية (?).
544 - قوله: (والشمسُ لم تَخْرُج من حُجْرَتِها) قال الطحاوي: إنَّ الشَّمسَ لم تكن تَخْرج من حُجْرتِها إلا بقرب غروبِها لقصر حجرتها، فلا دَلالة فيه على التعجيل.
وَرَدَّ عليه الحافظُ رحمه الله: بأَنَّه قد عُرِفَ بطريق الاستفاضة، أَنَّ حُجُرَهنَّ لم تكُن مُتَّسِعَة، ولا يكون ضوءُ الشمسِ باقيًا في قَعْرِ الحُجْرة الصغيرةِ إلا والشمس مرتفِعَة، وإلا متى مالت جدًا ارْتَفَع ضوؤها عن قَاعِ الحُجْرَةِ ولو كانت الجُدر قَصِيرة.
وَرَدَّ عليه الحافظُ العيني وقال: لا فَرْقَ بين الحُجْرة الضيقة العَرْصة ومتسعتها بعدما كانت جدرانُها قصيرة أَنَّ الشمس لا تَحْتَجِب عنها إلا عند الغروب، وهذا الفَرْقُ إنَّما يمكِنُ عند ارتفاعِ الجُدْرَان (?).
ثُمَّ إِنَّ سِيَاقَ حديث أنس رضي الله عنه - عند الترمذي - لا دِلالة فيه على التعجيلِ فوقَ ما أَرَدْنَاهُ ووفِقَ ما أَرَادُوه، لأنَّه كان ابتُلي بزمن الحجاج، وكان الحجاج يميتُ الصَّلوات، ويُؤَخِّر صلاةَ الظُّهر إلى وقت العصر، حتى إنَّ الصَّحابة كانوا يُصلُّون العصر إيماءً كما ذكره العيني رحمه الله. وإِمَّا أنس رضي الله عنه فلم يَكُنْ يَدْخُل في صلاته، فإِذا جاءه أَحَدٌ ممن كان صلَّى معه في آخرِ وَقْتِ الظُّهر، رآه يتهيأ للعصر فكان تعجيله لأَمانته وإلا فقد يرويه هو عند النَّسائي، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يُصلِّي بنا العصر والشمسُ بيضاء محلقة. فَفَكِّرْ في لفظ التحليق، هل يفيدُ التأخير الذي أَرَدْنَاه أو التعجيل الذي أَرَادُوه؟.
545 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ