زمانًا، فلا يخالف مسألةَ الحنفية في مقارَنَة الأَفْعَال بين الإِمام والمقتدي، وليس في أحدٍ من طُرُقِه تفصيل الأوقات إلا في رواية عند أبي داود، وعلله المحدِّثون أيضًا، نعم في حديثِ إِمَامةِ جبريل عليه السَّلام الذي شير إليه في هذا الحديث تفصيل ذلك، وفي مراسيل أبي داود عن الزُّهري والحسن أنَّه صلَّى أربعًا.
قلت: والمرسَلان معلولان لِمَا في البخاري أنَّ الصَّلاة قَبْلَ الهجرةِ كانت مَثْنَى مَثْنَى، وإنَّما قاسها الرَّاوي على الحالةِ الرَّاهِنة فذَكَرها أربعًا.
قوله: (اعلَمْ ما تُحَدِّثُ به) يعني أَنَّك لستَ بصحابي فأْتِ بسنَدِهِ ولا تَرْوِ مرسلا هكذا قالوا: والوجه عندي أَنَّ الاستبعاد على تعليمه فعلا، مع أنَّ التعليم القولي أيضًا كان كافيًا له، ولذا قال: أو إِنَّ جبريل هو أقامَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلّم؟ يعني حتى تَعَلَّمَ الصَّلاةَ مِنْ فِعلهِ، فأجابه عروة: إني لا أَرْوِيه إلا بالإِسناد فَخُذْه مني فَذَكَره كما في الكتاب (?).
522 - قَالَ عُرْوَةُ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ فِى حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ. أطرافه 544، 545، 546، 3103 - تحفة 16596
522 - (والشمسُ في حُجْرتِها) دلَّ على تَعْجيلِ العصر، وأجاب عنه الطَّحاوي أَنَّ الجُدر كانت قصيرة فلم تكُن الشمس تخرج منها إلا قُبيل الغروب، وكان الطَّحاوي قاله في العصر، فنقله بعضهم في التغليس، وفَهِم أنَّ الطَّحاوي جعلَه وجهًا للتغليس.
وحاصله: أَنَّ الصحابةَ إنَّما ذكروا التَّغْلِيس لِقَصر جُدْرَان مسجدِه فلم يكُنِ الضوء يَدْخله إلا بعد الإِسفار الشديد، ثم اعتُرِض عليه أنَّه تحميق لهم والعياذ بالله، وهذا كما ترى بناء الفاسد على الفاسد.
ثم إنَّ الخلافَ في تأخيرِ العصر في الاستحبابِ دونَ الجواز فَيُسْتَحب تَأْخِيرُها عندنا قَبْل ضَعْفِ الشمس وهو المُرادُ من الإِحمرار والإِصفرار، والتمكُّن مِنَ النَّظرِ إلى قُرص الشمس وانكسارِ الشعاع، فإِنَّ هذه أمور لا تَحْصُل إلا عند ضَعْفِها، فإِذا ضعفت اصفرت، ويُتمكَّن النَّظر إليها. وفي «تحفة المحتاج» للشافعية رحمهم الله، أَنْ يُصلِّي العصر حين يَبْقى ربع النَّهَار أو