أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «صَلاَةُ الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِى بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِى صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّى - يَعْنِى عَلَيْهِ - الْمَلاَئِكَةُ مَا دَامَ فِى مَجْلِسِهِ الَّذِى يُصَلِّى فِيهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ». أطرافه 176، 445، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717 - تحفة 12502
وهذا ناظر إلى كونِ الأسواقِ شَرُّ البقاع والمساجد خير البقاع فإذا بني المسجد في شر البقاع فهل يصير خير البقاع مع كونه شر البقاع، وهل يَحْصُل فيه تضعيف الأجر وثواب الجماعة أوّ لا.
قوله: (وصلَّى ابن عون) وقد مَرَّ مني في «شرح المُنية» أَنَّ الم2لِّي في البيت مَعَ الجماعةِ لا يُعد تاركًا، لها نعم يُفوت عنه فضل الجماعة (?).
477 - قوله: (صلاته في سوقه) وظَنِّي أنَّ الحديث سِيقَ بناءً على عادَتِهم في عَهْدِ النُّبوة مِنْ أَنَّ المساجدَ لم تكْنِ في أسواقِهم، فإِذَا كانت أسواقُهم خالية عن المساجد لا تكونُ صلاتُهم فيها إلا منفَرِدين وعلى هذا يُقَابِل صلاةُ الجميع بصلاتِهِ في صوقِهِ بناءً على أنَّه منفرد في سُوقِهِ (?) كما في البيت وليس مِنْ بابِ تَقَابل الجماعة بالجماعة في السُّوقِ، نَعَم لو فُرِضَ أنَّ أحدًا بَنَى مسجدًا في السوق ماذا يكون حكمه؟ فجوابه على قواعد الشريعة أنَّه يَصيرُ مسجدًا ويَحْصُل فيه ثواب الجماعة، وحينئذٍ ترجمته ليست مستفادة من الحديث.
ثم علم أنَّ صلاةَ الجماعة واحدةٌ بالعددِ عندنا، لا صلوات بعدد من فيها كما هي في العرف والعادة وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «أعجبني أنْ تكونَ صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة» وعليه قوله تعالى: {إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] فصلاة الجماعة مفردة لا تثنية ولا جمع، وإنما يحللون إليها حيث دعت إليه حاجة، ولذا قال: صلاة الجميع ولم يقل صلوات الجميع وهي عند الشافعية رحمهم الله تعالى عبارة عن الصلوات المجتمعة في المكان الواحد مع وظيفة كلٍ على حِدَة، فالمقتدرون كلُّهم أمراء أنفسهم وكل على حيالهم، وإنَّما يتبعون الإمام في الأفعال فقط حتى إنَّ فَسَادَ صلاة الإِمام لا يَسْرِي إلى صلاتهم، فهذا هو حقيقة الجماعة