عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِى جِدَارِ الْقِبْلَةِ مُخَاطًا أَوْ بُصَاقًا أَوْ نُخَامَةً فَحَكَّهُ. تحفة 17155

وحَمَلَه الشارحون على أنَّه حَكَّهُ باليد دون الآلة. قلتُ: ومعناه عندي أنَّه حَكَّه بيده الكريمة أي لم يأمر غيرَهُ به سواءٌ كان باليد أو بغيرِهَا.

وفَرَّقَ اللغويون بين النُّخَامة والنُّخَاعة. فقيل: إنها بالميم من الرأس، وبالعين من الصدر، وفي «شرح الأسباب» أنَّ النُّخَامة ما خرج من مَخْرَجِ الخاء، وما خرج مِنْ مَخْرَج العين فهو النُّخَاعة ثم المُخَاط ما خَرَج مِنَ الأَنْف وما خَرَجَ من الفَمِ فهو البصاق.

405 - قوله: (أو إنَّ ربه بينَه وبين القِبْلَة) وهو نحو مِنَ التجلِّي واختلف في أنَّه مستمر أو مقتصر على حالة المُناجاةِ فقط، وفي عبارة أبي عمرو (?) وأنَّه مستمر كالاستواء، والمعية، والأقربية، ونَقَلَهُ الحافظ رحمه الله تعالى في «الفتح» وَجَنَح إليه أيضًا.

قلتُ: وَخَطأ الحافظ رحمه الله تعالى أو غَفَل ولم يدرِ أنَّه يكون نافعًا للحنفية في مسألة الاستقبال والاستدبار، لأنَّه إذا نَهَى عن البُزَاق تِجَاه القِبلة لهذا، فما ظَنُّك بالاسْتِقْبَال والاسِتدبار عند الغَائِطِ (?) وقد مر أنَّ عُمَرَ بنَ عبد العزيز لم يكن يَبْزُق إلى القِبْلَةِ مطلقًا.

قلتُ: وعندي في الاستدلال منه نظر بَعْدُ لأَنَّه وإنْ وَرَدَ فيه الإطلاق في عِلَّةِ أحاديث لكنَّه مقيدٌ في بعض الروايات بحالة الصَّلاة، وحينئذٍ يَقْتَصِر النَّهْي على حالة الصَّلاةِ فقط، نعم لو ثَبَتَ دوامُ هذا التَّجَلِّي لكان حُجَة لنا قطعًا. وراجع لحقيقة التجلي أواخر «نيل الفرقدين» وهي مِنْ أَصْعَب مسائل الصوفية رحمهم الله تعالى.

قوله: (ولكن عن يساره) وحَمَلَهُ النُّوويُّ على خارجِ المَسْجد، أما إذا كان في المَسْجِد فإِنَّه لا يَبْصُق إلا على طَرَفِ ثَوْبِهِ، وقال في شرح الحديث: إِنَّ الحديث وَإِنْ وَرَدَ في المسجد ابتداءً لكنَّه انتقلَ عند ذِكْرِ البُصَاق إلى خارج المسجد انتهاءً، واستدل عليه بقوله: «أنَّ البُصَاق في المسجدِ خطيئة وكفارتها دفنها». فإذا كان البُصَاق في المسجدِ خطيئةً في نظر الشارع كيف يأذن هو به. ومعنى الحديث عندي: أنَّ البُصَاقَ في المسجد خطيئةٌ وعليه أَنْ يُكَفِّر عنها، كما أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015