كضَرَّاب للذي يضرب مرةً بعد أخرى. والفَعُول وُضِع للقوة، فالطَّهُور ما يكون قويًا في الطهارة، لا كما فَهِمَه المالكية، والله تعالى أعلم.

قوله: (فأيُّما رَجُلٍ من أُمَّتي أَدْرَكَتْهُ الصلاةُ) ... إلخ. قال الحنفية: إنَّه من قبيل إفراد الخاص بحكم العام، فلا يكون مفيدًا للتخصيص. ويكون الحاصل: أنَّ المسجدَ إن كان قريبًا فالمطلوب الصلاة فيه، والاهتمام لها، وإن لم يكن قريبًا كما في السفر فالاهتمام بالوقت، فاعلمه.

335 - قوله: (بُعِثْتُ إلى النَّاسِ عامَّةً). قيل إنَّ دعوة نوح عليه السَّلام أيضًا كانت عامَّةً لجميع مَن في الأرض، وإلا لما أُهْلِكوا، لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]. فالجواب كما قاله ابن دقيق العيد: يجوز أَنْ يكونَ التوحيدُ عامًّا في بعض الأنبياء وإن كان التزامُ فروع شريعته ليس عامًّا. ويحتمل أنه لم يكن في الأرض عند إرسال نوح عليه السلام إلا قومُ نوح عليه السلام فبعثته خاصة إلى قومٍ فقط - وإن كانت عامةً صورةً - لعدم وجود غيرهم.

قلت: وقد مرَّ معنا في كتاب العلم أنَّ دعوتَهَم وإن كانت عامة في التوحيد، لكنَّها كانت باختيارهم، بخلاف النبيّ صلى الله عليه وسلّم فإنَّه كان مأمورًا بالتبليغ لجميع مَنْ في الأرض {فإنْ لم تَفْعَل فما بَلَّغتَ رسالتَهُ} [المائدة: 67] (?).

2 - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلاَ تُرَابًا

دخل المصنِّف في مسألة فاقد الطَّهورين، واختار أنَّه يُصلِّي كذلك، وهو أحدُ وجوه الشافعية، ذكرها النَّووي رضي الله عنه. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يتشبه بالمصلين ويقضي إذا قَدِرَ بما قَدِر. ثم التشبه إنما هو في الركوع والسجود فقط دون القراءة، ولِما علمنا أنَّ الحُكمَ في الحج والصوم أنَّ الحاج إذا فَسَد حَجُّه يتشبه بالحاج ويمضي في أفعاله، وأنَّ الطَّامِثَ إذا طَهُرت، والكافر إذا أسلم، والصبي إذا بلغ في رمضان، أنهم يتشبَّهون الصائمين، ويُمْسِكُون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015