(عظيم الروم) فيه عدول عن ذكره بالمَلِك، لأنه معزول بحكم الإسلام، لكنه لم يُخْلِهِ من إكرام لمصلحة التألُّف. كذا في «الفتح».

(إني أدعوك) والدعاية كالشِّكَاية، وعند مسلم بداعية الإسلام، أي بالكلمة الداعية إلى الإسلام.

7 - (أسلم تَسْلَم) لي فيه شبهةٌ، وهي أن هرقل كان مسلمًا من قبلُ على دين عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام ولم تبلغه الدعوة إذ ذاك، فإن يكُ كافرًا فمن حين الإنكار، فما معنى دعوته إلى الإسلام مع كونه مسلمًا؟ لا يقال الإسلام على معناه اللغوي أي الإطاعة، لأن الذوق لا يقبله. فالأوجه أن يقال: إن الإسلام لقبٌ مخصوص بهذه الأمة، ولم يُطْلق على أحد من الأمم من حيث اللقبُ قال تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ} [الحج: 78]، وقال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، فإطلاقه وإن شَمِلَ الكلَّ إلا أنه صار وصفًا مشتهرًا لهذه الأمة فقط، وحينئذٍ فالإسلام أضيقُ من الإيمان، فإنّ الإيمان لا يختص بأمة دون أمة إجماعًا، وهذا على عكس ما سيجيء في كتاب الإيمان ولكنهما نظران.

ثم إن تكلّف متكلِّفٌ أن الإسلام وإن كان عامًا لكنه يتحول إلى نبي الوقت في زمانه، وإذًا معناه: أَسْلِم بنبي الوقت، لأن الإسلام قد انتقل إليه الآن أقول: والأفصح حينئذٍ أن يقول: أسْلِمْ لي، ليدلَّ على الانتقال والتحوُّل.

(يُؤْتِكَ اللَّهُ أجركَ مرتين) قال الحافظ: والأجرُ مرتين لكونه مؤمنًا بنبيه ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلّم ويحتمل أن يكون تضعيف الأجر له من جهة إسلامه، ومن جهة أن إسلامه يكون سببًا لدخول أتباعه. وسيأتي التصريح بذلك في كتاب العلم إن شاء الله تعالى. وقد اشتملت هذه الجملُ القليلة التي تضمَّنها كتابُ النبي صلى الله عليه وسلّم على: الأمر بقوله: «أَسْلِم»، والترغيب بقوله: «تَسْلَم»، و «يُؤْتِكَ». والزَّجْرِ بقوله: «فإن تَولَّيْتَ»، والترهيب بقوله: «فإنَّ عليك»، وفي ذلك من البلاغة ما لا يخفى.

(فإن تولَّيْتَ) وإنما لم يَقُلْ: فإن كفرتَ، لئلا يُغْضِبَه.

(اليريسين) وفيه لغات، ومعناه الأَكَّارِين أي الزَّرَّاعين، ومرّ عليه الطحاوي في مشكله (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015