فقد عَلِمتَ. وأما الثاني، فلأنه روي أنَّ القومَ أعادوا تحريمتهم كما في الدَّارقطني أنهم كبَّروا بعد انصرافه صلى الله عليه وسلّم.

على أنَّ المسألةَ عند المصنِّف رحمه الله تعالى أن الإِمام إن كان فرغ عن التكبير يجب على القوم أن لا يزالوا قائمين على هيآتهم، مع أنَّ روايةَ أبي داود صريحةٌ في أنه أمرهم بالجلوس. ففيه: عن محمد رحمه الله تعالى مرفوعًا قال: فكبَّر ثم أومأ إلى القوم أن اجلسوا، فذهب فاغتسل، وكأن هذا الراوي يناقض نفسه عند المصنِّف رحمه لله تعالى، فإِنه يذكر تكبير الإِمام، ومع هذا يقول: إنه أمرهم بالجلوس وهذا يناقض ثبوت التكبير عنده، لأنِّ الجلوسَ عنده فيما إذا لم يكبِّر الإِمام، وعبارة المصنِّف رحمه الله تعالى في بعض النسخ هكذا: «قيل لأبي عبد الله: إن بدا لأحدنا مثلَ هذا يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم قال: فأي شيء يصنع؟ فقيل: ينتظرونه قيامًا أو قعودًا، قال: إن كان قبل التكبير فلا بأس أن يقعدوا، وإن كان بعد التكبير ينتظرونه قيامًا». وحكى بعض المحدثين عن أبي داود في هذه الواقعة جلوسَ بعضٍ وقيامَ بعض (?).

ثم اعلم أنه ينبغي للرسول أن نقع له مثل هذه الواقعة مرة أو مرتين لقوله صلى الله عليه وسلّم «إنما أُنَسَّى لأَسُنَّ»، ولكونهم بشرًا فينسون كما تَنْسَون، وهذا كمال في حقهم ورحمة في حق أممهم.

20 - باب مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِى الْخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ

وَقَالَ بَهْزٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ». تحفة 11380 - 78/ 1

هذه الترجمة إذا كان في الفضاء وأَمِنَ من مرور الناس، وفي مراسيل أبي داود: أنه لو اغتسل في الفضاء فليَخُطَّ حوله خطًّا، لأن هناك أيضًا من عباد الله مَن يُسْتَحَى منهم، فالمطلوب التستر، ولو اغتسل عُريانًا لا يكون معصيةً.

قوله: (الله أحق) يعني أن الله سبحانه وإن كان يعلم سِرَّهم ونجواهم إلا أنه ينبغي أن يُسْتَحْيَى منه مما يُسْتَحْيَى فيما بين الناس، فهذا من الآداب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015