واعلم أنَّ مَحَلَّ الخلافِ (?) فيما إذا أُلقيت في الماءِ تُمَيراتٌ حتى صار حلوًا رقيقًا غير مطبوخ ولا مُسْكر، فإن أَسكر أو طبخ فلا خلاف في عدم الجواز كما في «المبسوط». وفي «البحر» نقلًا عن قاضيخان: أن الإِمام رجع عنه إلى مذهب الجمهور، والطحاوي أيضًا تركه ولم ينتصر للمذهب المرجوع عنه، وأخرج له الترمذي حديثًا، وأبو داود، إلا أنه تكلم فيه بوجوهٍ كلها مدفوع، منها أن في إسناده أبو زيد وهو مجهول. ودفع بأنه مولى عمرو بن حُرَيْث رَوَى عنه راشد بن كَيسان العبسي وأبو روق، كما صرَّح به ابن العربي، مع وُرُوده عن أربعةَ عشرَ طريقًا بسطها العيني في «شرح البخاري». ومنها أن ابن مسعود رضي الله عنه لم يكن في تلك الليلة، ودفع بأن ليلة الجن متعددة، كما في «آكام المرجان في أحكام الجان» والمشهورة منها ما في القرآن، وهي الدائرة على الألسنة، فأراد بالنفي كونه في تلك الليلة خاصة.

وعند الترمذي في باب كراهية ما يُسْتنجى به، قال أبو عيسى: وقد روى هذا الحديث إسماعيلُ بن إبراهيم وغيره عن داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي عن علقمة، عن عبد الله أنه كان مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ليلة الجن الحديثَ بطوله. وهذا صريحٌ في كونه في واحدٍ منها. ثم إن الزيلعي أخرج طُرُقَ هذا الحديث، وفي سنده عليُّ بن زيد بن جُدْعان، وأخرج عنه مسلم مقرونًا مع الغير، واتفقوا على أنه صدوق إلا أنه سيِّىء الحِفْظ. قال ابن دقيق العيد: إنه أحسنُ من حديث أبي زيد، ولم أَرَ أحدًا من المحدِّثين صحَّح حديثًا من أحاديث الوضوء بالنبيذ.

وقد مرَّ ابن تيمية على تلك المسألة في «منهاج السنة» (?) وتكلم كلامًا لطيفًا جدًا، ورأيتُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015