الطُّهر نظرًا إلى أَوّل الحال، أي لأن الدّمَ يجتمع فيه، وعلى الطَّمث نَظرًا إلى آخِر الحال، لأنَّ الدَّمَ يَخْرج فيه، كذا في تفسير الرّازي (?)، ذيل قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، وقال ما قال إبراهيمُ، فمعناه أنَّ امرأةً كانت تعتدّ من طلاق، فتزوجها رجلٌ آخر، فوطأها بشبهةِ العَقْد، فوجبت لها عِدّةٌ أُخرى، فهل تعتدُّ لكلَ عِدّة مستقلة، أو تحتسب بقية العدة منهما؟ فذهب إبراهيمُ إلى أنَّ عليها عدّتين، ولا تخرج من ثلاث حِيض، إلَّا مِن الأُولى، ولا تحتسب تلك عَمّا وجب عليها بَعْدَها. وقال الزُّهري: بل تحتسب بقيةَ العِدّة منهما، وما فضلت تُتِمها بعد العِدّة الأُولى، نحو إنْ كانت وطئت بعد حيض تتربّص ثلاثةَ حِيض أُخرى، وتحتسب الحيضتان منهما، وتخرج من عِدّة الزَّوج الأَوّل، لِمُضِي نِصابها، ويبقى عليها حَيْض آخَر من عدة الزوج الثاني، فتعتد هذه أيضًا، وحينئذ تخرج من العِدّتين. وهكذا المسألةُ عندنا، فإِن مبناها على التداخل، ومن ههنا طاح ما أورده الأغبياء على الحنفية مِن وجوبِ العِدّة على مَنْ نكحت محرمًا، فَوُطِئت.
وَقوْلِهِ عَزَّ وَجلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 6 - 7].