الحكايةِ والمَحْكي عنه في الصّفة أيضًا ليس بضروري، يمكن أن يكون طَلّقها في الخارج متفرِّقًا، وعبر عنه الراوي ثلاثًا، أخذًا بالحاصل، ولا بُعْد فيه. ولأنها (?) لما وَقعت الفُرْقة بنفس اللِّعان - كما هو مذهبُ الشافعي - لم يصادف تطليقُه إياها محلَّه، فكان هَدْرًا، فلم يعبأ بها. وإذَن لا تقرير فيه أيضًا، فإِنه لو صادف مَحلّه، ثُم سكت عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لكان تقريرًا منه، وأما إذا كان فِعْلُه عَبثًا، وتطليقه كالعَدم، فأغمض عنه، وأما ثالثًا: فبأن الفُرقة وإن لم تقع عندنا بنفس اللعان، لكنها قد استحقّتها، وعلى شرف منها، ومعلومٌ أنها لا سبيلَ لها إليه بعد اللِّعان، ففي مِثْله يجوز تطليقُه ثلاثًا عندنا أيضًا، لأنه إذا انقطع احتمالُ العَوْد، ولم تبق مَظِنّة الرجوع، فلا بدعة في تطلِيقِها ثلاثًا. واستنبطت ذلك مما رُوي عن محمد أنّ الخُلْع في الحَيْض جائز، مع كونِ الخُلْع طلاقًا بائنًا، وهو بِدْعة، ولا سيما في الحَيْض، فإِذا جاز البائن في الحَيْض عند تحتم عدم الرجوع، جاز الثلاثُ أيضًا بجامع يأسِ الرَّجعة فيهما، فلا فَرْق، إلاّ أن هذا بائنٌ خفيفًا، وذلك غليظًا، وليس بفارق. وقد ذكرناه من قبل مَرّتين، ففكر فيه.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28].
5262 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاخْتَرْنَا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا. طرفه 5263 - تحفة 17634
5263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْخِيَرَةِ، فَقَالَتْ خَيَّرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَفَكَانَ طَلاَقًا قَالَ مَسْرُوقٌ لاَ أُبَالِى أَخَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِائَةً بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِى. طرفه 5262 - تحفة 17614
وللاختيار عندنا أَحْكامٌ، ذكرها الفُقهاء في فصل مُستقلّ، وذهب (?) بعضُ السّلف أن في اختيارها الزوج أيضًا طلاقًا، وليس مَذْهبًا للجُمْهور.