بالقُروء حين خاطب النساء، ولما تَوجَّه إلى الرجال، وذكر تطليقَهم الذي هو فَعْلهم، قال: لِعِدَّتِهنّ، فظهر تعدُّدُ العِدّتَين من اختلاف السياقين، إلَّا أنَّ عدّة الرِّجال لما لم تُذْكر في عامة كُتُب الفِقْه تبادَر الذِّهن إلى العِدّة المعروفة، وهي عِدّة النِّساء، فلا علينا أن نَحْملها على عِدّة الرجال بعد ما تعرّض إليها القرآن. وقد أقرّ ابنُ القَيّم بقوةِ مذهب الإِمام الأعظم، وقال (?): إنَّ أحمد أيضًا مالَ إليه بآخِره.
5252 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «لِيُرَاجِعْهَا». قُلْتُ تُحْتَسَبُ قَالَ «فَمَهْ». وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا». قُلْتُ تُحْتَسَبُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. أطرافه 4908، 5251، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 تحفة 6653، 8573 - 53/ 7
5253 - وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حُسِبَتْ عَلَىَّ بِتَطْلِيقَةٍ. أطرافه 4908، 5251، 5252، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 - تحفة 7064
وهذه هي المسألةُ التي أنكرها ابنُ تيمية. فإِنه قال: إنه لا يُعتدّ بالطلاق في حال الحَيْض، مع أن ابنَ عُمر الذي هو صاحب تلك الواقعة أقرّ باعتدادها. وتأوّل ابنُ تيمية قوله: فَمَه، أنه بمعنى كفّ، يعني هت. وقوله: «إنْ عَجَز واستَحْمق»، بأنَّ الشَّرع لا يتغيّر بتغييره، وإذا كان حُكْم الشَّرْع فيه أنّ الطلاق في الحَيْض لا يُعْتبر، فهل يمكن تغييرُه، واعتبارُه بتطليقه، وحَمَقِه؟ وقال الجمهور: إنّ «ما» استفهامية، ومعناه ما المانع من احتسابه؟ وهل تُهدر أحكامُ الشَّرع بعجزه وحَمَقه؟ بل يعتبر بطلاقِه قَطْعًا، فعكس ابنُ تيميةَ مرادَه إلى ما رأيت، قلتُ (?): وإذا تأوّل ابنُ تيميةَ في هذه الألفاظ، فماذا ينصع في قوله: «حسبت عليّ بتطليقة؟ فإِنه صريحٌ في عِبْرتها، إلاّ أنه من طريقِه أنه إذا مَرّ بلفظ لا يُسوّغ فيه تأويله، يُغْمض عنه.