الزكاة بأي نحوٍ كان، وأنه يجوز لهم الظُّلم أيضًا، فما بكرائم الأموال؟ ثُم إنْ صَرَفت النَّظر إلى الأحاديث في العاملين، وجدت أنّهم لا حقَّ لهم في أموالهم الكلايمة، ومَنْ يتعدَّى منهم كان عليه مِثْل وِزْر المانع، فكيف بِمَن ظلم عليهم والوَجْه أنَّ الأحاديثَ في مِثْل هذه تخرَّج على التشديد في الجانبين، لتكون أحفظَ لحدود الله، فيقف كلٌّ منهما على حِدَة، وهذا هو الطريق في جميع أحاديث الوَعْد والوعيد، فإِنها تَرِد مُرسلةً عن القيود والشروط لتكون أرغب، وأهيب. ومَنْ لا يراعيه يَزْعمُ الكلامَ ناقِصًا، ثم يزيد عليه القيودَ مِن قِبَله كالإِصلاح له. وهذا السّلف لم يكونوا يتقدمون إلى مِثْله، بل كانوا يكرهون التأويل (?).
ودونك نظيرًا آخَرَ من باب الصلاة، فقال للرجال: «لا تمنعوا النِّساء حظوظَهن من المساجد» - أو كما قال - كأنه يُرَغِّبهن في الإِتيان إلى الجماعات، فلما خاطبهنَّ قال: «إنَّ صلاةَ إحداكُنَّ في مخدعها خيرٌ من صلاتها في بيتها» - أو كما قال. فذكر أنَّ أفضل صلاتهن ما كانت أخفى عن الأعين.
وخُذ نظيرًا ثالثًا من باب إطاعة الأمير، فإِنه لما خاطب النَّاس أمرهم بإِطاعةِ الأمراء، وإنْ أُمِّر عليهم عَبْدٌ حبشيٌّ، مجدع الأطراف، إلا أن يروا كُفْرًا بواحًا. ثُم لما انصرف إلى الأُمراء، وَعَدهم بالنَّار، حتى خِيف عليهم أن لا يَنْجوا منها رأسًا برأس.
وهاك نظيرًا آخَر تكميلًا للأربعة: ما جاء في التشديد في السؤال، فإِنه قال للناس: إنَّ للسائل حقًا ولو جاء راكبًا على فرس، ولما تَوجَّه على السائلين جعل سؤالهم خموشًا، أو خدوشًا، أو كدوحًا في وجهه (?).
وإذا أَتْقَنت تلك النظائر من الشَّارع: فاعلم أنَّ الأحاديث في أَمْر النكاح أيضًا