بعدهما. وتَعرَّض صاحب «الهداية» إلى حِكْمة التراخي، وراجع «بداية المجتهد» لابن رشد (?).

4908 - قوله: (فتلك العِدَّةُ، كما أَمَره اللهُ) ... إلخ. إشارةٌ إلى قوله: {فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} واستدل (?) منه الشافعية على كونِ القروء بمعنى الأَطهار، فإِن التطليقَ في الطُّهر بالإِجماع، وقد جعله القرآنُ عِدّةً لهن، فدلّ على أنَّ العِدّة بالأطهار. وأجاب عنه الزَّمْخَشريُّ: أنَّ اللام فيه للاستقبال، فيكون التَّطْلِيقُ في الطُّهر، وعِدّتها بَعْدَه في الحَيْض، وتؤيدُه قراءة: «قبل عدتهن». والجواب عندي (?): أنَّ العِدّة عِدَّتان: عِدّة الرجال، وهي للتطلِيق؛ وعدَّة النِّساء، وهي للتربُّص، كما في «المبسوط». والمذكور في الآية عِدّة الرِّجال - كما أشار إليه الطحاوي - دون عِدَّة النساء، وهي في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فالرِّجال أُمِرُوا أن ينظروا متى يُطلِّقُوها، وهو الأَطْهار، والنِّساء أُمرن: أن يتربَّصْن بأنفسهن ثلاثةَ حِيض، واللام فيه للظرفية، ولذا خاطب في «سورة الطَّلاق» الرجال، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، وفي «سورة النساء» النِّساء، فقال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} ... إلخ. وبالجملة قَسَم العِدَّة بين الرِّجال والنِّساء في السورتين، وبيّن لهما ما كان عليهما مِن إحصاء عِدّتهما.

4909 - قوله: (فقال ابنُ عباس: آخِرُ الأَجَلَيْن) ... إلخ. والسَّلَف مُخْتلفون بين آيةِ عِدّة الحاملة، وآية عِدّة المُتوفَّى عنها زَوْجُها: فمنهم مَنْ ذهب إلى أنَّ بينهما عُمومًا وخصوصًا مِن وَجْه؛ والجمهور إلى أنَّ وَضْع الحَمْل هو العِدَّة، سواء كان قريبًا أم بعيدًا، وهو مذهبُ ابن مسعود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015