وبالجملة إذا عَلِمْت أن الغُرَّة والتحجيل من خصائص هذه الأمة، فإِذًا لا التباس بينها وبين الأمم السَّالفة، فإنَّ كل أمة تقوم مع نبيها، وإنَّما يحصلُ الالتباسُ لمن لم يكن يتوضأ من هذه الأمة، فإِنه لا تكون له هذه السيماء، فلعلهم يُحرَمُون عن الكوثر. فمن كان له شَغَفٌ ببيانِ الحِكَمِ في الأحكام الشرعية، فهذه حكمة الوضوء.

وقد تكلم الناسُ في حكمة مسح الرأس وكلها لا تستندُ إلى رواية. وقد تبيَّن لي روايةٌ في هذا الباب أخرجها المُنذري في «الترغيب والترهيب» وحاصلها: أنَّ من كان مسح رأسَه في الدنيا لا يكون أشعثَ يوم القيامة، ويكون رأسُه ساكنًا، وأمَّا غيره فيكون أشعثَ الرأس.

وقد صنَّفَ العلماء في بيان الحِكم تصانيفَ منها: «القواعد الكبرى» للشيخ عزّ الدين الشافعي رحمه الله تعالى، وقِطعة منها موجودة عندِي ومنها: «حجة الله البالغة» للشَّاه ولي الله رحمه الله تعالى وغيرهما. ثم في الفقه إنّ إطالة التحجيل إلى نصف السّاق ونصف السّاعد. ولا أدري في الغرة غير ما عند أبي داود عن علي رضي الله تعالى عنه: «أنَّه توضأ حتى إذا فرغ من وضوئه أخذ غَرْفة من ماء وأفاضه على ناصِيتَهِ، حتى استنّ الماء على صدره ولحيته» واستشْكَلَ عليهم شرحه، فإِنّه في الظاهر زيادةٌ في المِرَار وهو ممنوع، فشرحه بعضهم أنه كان للتبريد أو غير ذلك. وعندي أنّه كان لإِطالة الغرة والله تعالى أعلم بالصواب (?).

4 - باب لاَ يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

137 - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ الَّذِى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015