فالنصُّ شاهِدُ على اعتبار إيمانِهم بعد مشاهدةِ عذابِ الاستئصال أيضًا، فإِما أَنْ يُقال بالتخصيصِ، أو تحرُّر المسألة على نحو آخر، وهو على ما أقول: إنَّ قومًا إذا آمنوا عند إحاطةِ عذاب الاستئصال، فلا يَخْلُو إما أن يُكْشف ذلك العذابُ عنهم، أو لا، فإِنْ كُشِف كما كُشف عن قومِ يُونس عليه السلام يُعتبرُ به، وإن لم يُكْشَف حتى هلكوا فيه لا يُعْتبر، نحو فرعون، وحينئذٍ يندفِعُ الإِشكال.
ومن ههنا ظهر الجوابُ عما يَرِد على روايةِ الترمذي: أن جبرئيل، لما رآه يقول: لا إله إلا الله دَسَّ الطينَ في فيه خشيةَ أنْ تُدْرِكه الرحمةُ. والاعتراض عليه بوجهين.
الأول: أنه سعى في كُفْر رَجُلٍ، وهو رضاءٌ بالكُفْر، فكيف ساغ له؟!.
والثاني: أن إيمانَه في هذا الحينِ إنْ كان مُعْتبرًا، فلم حالَ دونَه، وإلَّا فما الفائدةُ في الدسِّ؟.
قلتُ: أما الجواب عن الأَوَّل: فبأنَّ الدعاءَ بسوءِ الخاتمة جائِزٌ في حقِّ مَنْ كان يؤذي المؤمنين (?)، ويَقْعد لهم كلَّ مَرْصد، كما نُقِل ذلك عن إمامنا، بل هو صريحٌ في