في صلاة اللَّيل، فإِنَّه نظر، لكنه لا يُدرى إلى أين جَرْيُها، وكَفُّها. فقد أجراه بعضُهم حتى قال بِنَقْضِ الوِتْر، ومن هذا الباب قوله: «إنَّما جُعِل الإِمامُ ليؤتمَّ به»، فالائتمام نَظرٌ ذِهْني، لا يُدْرى طَرْدُها وعكسها، فاعتبره الحنفية في باب القراءة أيضًا، وجعلوه دليلًا على تَرْك الفاتحة خَلْفَ الإِمام أيضًا، وأَخَذه الشافعيةُ أَوْسع منه، ولم ينفصل الأَمْرُ بعد، ولا ينفصل. وراجع رسالتي «كَشْف السّتر».

ومُحصَّل الكلام أن الأنظارَ الذهنيةَ إذا خفي طَرْدُها، وعَكْسُها، فالعبرةُ عندي بالعمل في الخارج، كيف ثبت. فنقولُ في مسألة النقض أَنَّه إنْ ثبت نَقْضُ الوِتْر عن السَّلَف نقول: إنَّ الإِيتارَ قد اعتُبر في حقِّ العمل أيضًا، وفي المسألة الثانية: إنَّ الفاتحة إن ثَبَتَ تَرْكُها خَلْفَ الإِمام نقول: إنَّه ظَهَر أَثَرُه في تَرْك القراءةِ أيضًا، وإنْ لم يثبت، كما في المسألة الأولى لا نقولُ به، ولا تُوجِب العمل من لفظ الإِتيار فقط، فإِنَّه نَظر، وشأنُه أنه لا يظهَر في العمل دائمًا، فقد يبقى في النَّظر فقط، وحينئذٍ جَرُّها إلى العمل يكونُ غَلَطًا، فاعلمه، فإِنَّه ينفعُك في كثيرٍ من المواضع، وأدعو الله تعالى أن يطعمَك منه ذواقًا.

4474 - قوله: (ألم يَقُلِ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}) [الأنفال: 24] ... إلخ، استنبط منه اشافعيةُ أنَّ مجاوبةَ (?) الرسولِ غيرُ مُفْسِدةٌ للصلاةِ، ثُم استأنسوا به في مسألةِ ذي اليَدَيْن. قلتُ: وهذا الاستنباطُ يُبْنى على صورةِ ترتيب الرِّواية، بأن يكونَ اعتذارُه بكونِه في الصلاة مقدَّمًا، وتلاوته صلى الله عليه وسلّم الآيةَ مُؤخَّرًا، ولو فرضنا اعتذارَه مؤخَّرًا عن تلاوته هكذا، فدعاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم فلم أجبه، فقال: ألم يقلِ اللَّهُ ... إلخ، قلتُ: «يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كُنْتُ أُصلِّي» (?)، سقط الاستدلال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015