قوله: (ثغر) هو ملتقى الأضلاع من الفوق، وهو القص، والشعرة الطرف الآخر، حيث ينبت الشعر.
قوله: (فلما خلصت، إذا يحيى، وعيسى) إلخ، وقد ظن -لعين القاديان- أن المسيح، عليه الصلاة والسلام، لو كان حيًا، لأخبره بحياته في ليلة المعراج، مع أنه لم يتكلم بحرف، قلت: بلى، وقد تكلم به، وأخبره، كما عند ابن ماجه (?).
قوله: (نهران باطنان، ونهران ظاهران)، أن الظاهران فقد تسلسلت مبادئهما من ههنا، إلى هناك، حتى ظهرا على وجه الأرض، وأما الباطنان فبقيا في عالم الغيب، ولم يظهرا في عالم الشهادة، وقد مر منا أنه من باب إطلاق اسم الشيء على مبادئه، وذلك كثير في الطب، والمنطق، كالتعجب، فالنيل في مصر، والفرات في بغداد، إلا أن هذين الاسمين أطلقا على مبدأيهما في عالم الغيب أيضًا، فلو كان لأحد عينان يبصران الغيب، لاطلعتا عليهما (?).
قوله: (هي رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به) واعلم أنه لا لفظ في لغة العرب لمشاهدة أشياء الغيب في عالم الشهادة يقظة، فاستعاروا لها لفظ الرؤيا، لكونه أقرب (?)؛ ورأيت في التوراة كثيرًا إطلاق هذا اللفظ في مشاهدات الأنبياء عليهم السلام في اليقظة، حيث يكون فيه أن حزقيل عليه السلام مر بنهر مرة، ورأى رؤيا، مع أن رؤياه تلك لم تكن إلا في اليقظة، فتنبهت من ههنا على أن الرؤيا تطلق على مشاهدات الأنبياء عليهم السلام في اليقظة أيضًا، وقد أشار إليه الحافظ في "الفتح" أيضًا، وهذا على نحو الكشف عند الصوفية، فإن الكشف هو الوضوح لغة، لكن عندهم هو رؤية الأمور الغائبة بالباصرة يقظة، وليس لها لفظ في اللغة أيضًا، فاستعاروا لها لفظ الكشف.