3688 - قوله: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) لا يُرِيدُ به المَعِيَّةَ في منزلته، حتى لا يَبْقَى بينه وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فَرْقٌ، ولكنه أراد به - والله سبحانه وتعالى أعلم: أن مَنْزِلَةَ المُحِبِّ تكون في الجنة بِحَسَبِ حبِّه مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وتفصيلُه على ما ظَهَرَ لنا من الشَّرْعِ أن الدُّخُولَ في الجنة يَدُورُ بالإيمان، وأمَّا الطاعاتُ فَتَنْفَعُ في الاتقاءِ عن النار، وأمَّا تعيينُ منزلته في الجنة فباعتبار حبِّه للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإنَّ أَوَّلَ خيمةٍ تُضْرَبُ تَكُونُ للسلطان، ثم تَكُونُ لسائر الناس على قدر منازلهم منه. فَمَنْ يكونُ أقربَ عنده منزلةً، تُنْصَبُ خيمته أقرب منه مكانًا، وهكذا - ثم وثم - فهذا هو المرادُ من المَعِيَّةِ. فإنَّ الجنةَ كلَّها كالمكانِ الواحدِ، والمَعِيَّةُ فيها بِحَسَبِ القُرْبِ والبُعْدِ من منزلة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو يَدُورُ بالمحبَّة، لا أن المرادَ به المَعِيَّةُ في عين ذلك المكان والمحلِّ، فإنه مُحَالٌ.
3689 - قوله: (لَقَدْ كَانَ فِيمَا كَانَ قَبْلَكُمْ من الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فإِنْ يَكُ في أُمَّتي أحدٌ، فإنه عُمَرُ)، فيه دليلٌ على كثرة المُحَدَّثِينَ في الأمم السالفةِ، وقلَّتهم (?) في هذه الأمةِ. فمن زَعَمَ أن لا خَيْرَ في الأمم السالفة فقط، حَادَ عن الصواب، بل فيهم أيضًا خيرٌ. نعم في هذه الأمَّةِ خيرٌ كثيرٌ، ولذا لُقِّبَتْ بخير الأمم. وقد مرَّ أنه كان فيهم من امْتَشَطَتْ امْتِشَاطَ الحديدِ، دون لَحْمِهِمْ، وعَظْمِهِمْ {وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} [آل عمران: 146].
3692 - قوله: (وأَمَّا ما تَرَى من جَزَعِي، فَهُوَ من أَجْلِكَ، ومن أَجْلِ أَصْحَابِكَ) ... إلخ، أَرَادَ به جماعةَ المؤمنين.