"أن داودَ عليه الصلاة والسَّلام لمَّا أَمَرَهُ سبحانه أن {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: 13]، قسَّم أيامه للعبادة، فجعل يومًا لنفسه، ويومًا لِعِيَالِهِ، ويومًا لعبادة ربِّه، ويومًا لفصل الخُصُومَاتِ. ومرَّ على ذلك زمانٌ حتَّى أعجبه النظم لعبادته، فَفَرِحَ بذلك، وظنَّ أنه قَلَّ منهم من يكون عنده نظمٌ في العبادة مثله، فقيل له: يا داود إنا نُفْتِنُكَ، فقال: علِّمني اليوم الذي أُفْتَتَنُ فيه. فقال له ربه: لا. فابتلاه ربه، بأن صَعِدَ الملائكةُ على جدار بيته، واسْتُفْتُوهُ عن قضيةٍ مفروضةٍ: له تسعٌ وتسعون نعجةً ... إلخ، سواء كان المراد منها الشاة، أو غيرها. فَقَضَى داودُ عليه الصلاة والسلام منهم التعجُّب، أنهم كيف وَصَلُوا إليه في يوم عبادته مع الحراسة، والانتظام الشديد، وقد تمَّ الابتلاءُ بهذا القدر فقط.

قوله: ({فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ})، فيه دليلٌ على مذهب الحنفية: أن الركوعَ يَنُوبُ عن سجود التلاوة. واسْتَحْسَنَهُ الرازيُّ في "تفسيره". وأَوْرَدَ عليه الشيخ ابن الهُمَام (?) أنه لَمَّا كان المقصودُ من لفظ الركوع هو السُّجُودُ، لم يَتِمَّ الاستدلال، لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015