الصلاة والسلام، ويُسْتَفَادُ من رواية الترمذيِّ (?) من قصة وفد عاد، أنها كانت موضعًا مشتهرًا بإِجابة الدعوة. وبَعَثَ إليه عادٌ أناسًا، فَنَزَلُوا بها، إلى آخر القصة. أقولُ: لا ريب أنها كانت محلاًّ مكرَّمًا من زمنٍ قديمٍ، إلاَّ أنه يمكن أن تكونَ خَرِبَتْ في البين، ثم ابْتُدِىء تعميرها من زمن إسماعيل عليه الصلاة والسلام. وفي التاريخ: ذكرٌ للأسباط الذين دَخَلُوا مكة من عادٍ. وكانت سلطنتهم على إيران أيضًا، فإن الضحَّاك منهم، فإنه ابن أخٍ لعاد، وكانت سلطنتهم على الشام، ومصر، والعراق أيضًا.
3364 - قوله: (ذَاكِ أِبي، وقَدْ أَمَرَني أَنْ أُفَارِقَكِ، إلْحَقِي بِأَهْلِكِ) واعلم أنه من ألفاظ الكِنَايَات، والواقعُ بها بوائنٌ عندنا. وفي مبسوطات الفِقْهِ: أن الواحدَ البائنَ أيضًا بِدَعِيٌّ؛ فكيف طلَّق به إسماعيلُ عليه الصلاة والسلام؟ والجواب عندي، واستفدته من مسألةٍ عن محمد في «المنتقى»، وهي: أن الخُلْعَ جائزٌ في حالة الحَيْضِ، مع أن الخُلْعَ طلاقٌ بائنٌ، والطلاقُ في حالة الحيض بِدَعِيٌّ، فإذا ثَبَتَ الجوازُ في موضعٍ لأجل الضرورة، قِسْتُ عليه جوازه في مَوْضِعٍ آخرَ أيضًا، وهو عندي: عدم التوافق والعزمُ على تركها بالكليَّة.
3366 - قوله: (قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قال: أَرْبَعُونَ سَنَةً) قيل: إن المسجدَ الأقصى من تعمير سليمان عليه الصلاة والسلام، وإن كان ابتداؤُه من داود عليه الصلاة والسلام، وبينه وبين إبراهيم عليه الصلاة والسلام قرونٌ متطاولةٌ. والجوابُ على ما اختاره ابن القيِّم: أن تعيينَ مكان المسجد الأقصى كان من يد إسحاق عليه الصلاة والسلام، فإنه كان غَرَزَ وَتَدًا هناك، كما في التوراة. فأمكن أن تكونَ المدَّةُ المذكورةُ بين البناءين بهذا الاعتبار. وللقوم ههنا أجوبةٌ أخرى (?)، ذَكَرَها الشارِحُون. وقد قدَّمنا الكلامَ في تحقيق القِبْلَتَيْن في باب الإِيمان، وأن الأقربَ عندنا أنهما من بناء إبراهيم عليه