والتقدُّم والتأخُّر بينهما يكون بحسب تفاوت أعمالهم. فالتي تساوت أعمالًا تَدْخُلُ معًا، ولا يَظْهَرُ فيها الترتيب. ولذا وَرَدَتْ الزحمة في الحديث عند دخول باب الجنة، حتَّى تنتقل المَنَاكِب. وهو معنى ما في حديث سَهْل عند البخاريِّ من هذه الصفحة: «لا يَدْخُلُ أوَّلهُم حتَّى يَدْخُلَ آخرُهم»، يعني يَدْخُلُون معًا.

قوله: (يُسَبِّحُون اللهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا) وعند مسلم: "يُلْهَمُون التسبيحَ كالنفس"، فيجري منهم التسبيح جريان النفس، بدون عَمْدٍ وقَصْدٍ، وبه تكون حياتُهم، وذلك لبلوغهم نهاية الروحانية (?).

3246 - قوله: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ) ... إلخ، هذا الحديثُ أيضًا جَعَلَ أهلَ الجنة على زُمْرَاتٍ. وراعى بينها التناسب من جهة الأعمال. ولا ريبَ أن الزُّمْرَةَ التي كانت على صفةٍ واحدةٍ وَجَبَ دخولها في وقتٍ واحدٍ، ولا يناسب الترتيب بينها. ولذا أفضى الأمر إلى نقل المناكب، كما عَلِمْتَ.

فائدة: واعلم أن الأنبياءَ عليهم السلام قد صاروا على وَتيرَةِ أهل الجنة في هذه النشأة أيضًا، ومن هذا الباب: بَلْعُ الأرضِ بَرَازَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقوَّتُه على الجِمَاعِ، وقد قرَّرناه فيما سَلَفَ، وحرَّم اللهُ أجسادَهم على الأرض أن تأكلها، إلى غير ذلك.

3247 - قوله: (قَالَ: لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا أو سبعُ مِائَةِ أَلْفٍ) ... الخ، قال ابنُ كثيرٍ: إن المعروفَ في الروايات دخول سبعين ألف. ومع كلٍّ منهم سبعون ألفًا.

ولا بُدَّ من تسليمه أيضًا. وإن لم يَذْكُرْه الراوي هناك، فإنه سَرَدَ له الروايات أيضًا. أمَّا من قال: سبعُ مائَةِ ألفٍ، فالظاهرُ أنه وَهْمٌ من الراوي.

3251 - قوله: (إنَّ في الجَنَّةِ لَشَجَرَةً)، وهي الطُّوبَى.

3255 - قوله: (إنَّ لَهُ مُرْضِعًا في الجَنَّةِ)، وفيه دليلٌ على أن الإنسانَ بعد الموت يَصْلُحُ للرضاع أيضًا، وأن هذا العالمَ، مما تتأتَّى فيه التربية أيضًا (?).

3256 - قوله: (الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ)، المرادُ منه البعيدُ في الأُفُقِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015