كما أن قَيْصر لَقَبُ ملك الروم، والنجاشي مَلِك الحبشة والخاقان مَلِكَ التُّرْك، وفرعون ملك القِبْط، وتُبَّع ملك اليمن، والعزيز ملك مِصْر، والقيل ملك حِمْير. ثم إنه كان كما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فلم يبق من اسمه، ولا رسمه.
3027 - قوله: (وقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ، ثُم لا يكونُ قَيْصَرُ بعده) قلت: أما قيصرُ الشام فقد هَلَكَ، وانمحت آثارُه، فلم يبق له راثٍ، ولا باكٍ. أما بقاء الإِيطالية الذي يقال له: الرومُ، فإِنه خارجٌ عن نظرِه، فإِنه أخبر من هلاكه حيث كان في زمانه، وهو الشام، ولم تَقُم له سلطنةٌ فيه إلى اليوم. وإنما قلنا: إنَّ المرادَ هلاكُه عن موضع مخصوصٍ، لا عن وَجْه الأرض، لما دلت عليه الروياتُ ففي «الخصائص»: الفارس النطحة، والنطحتين؛ وأما الروم فذوات قُرون. اهـ. فدلَّ على بقائه في الجملة. وكذا ما أخرجه في «الفتح» أن التنوخي رسولُ هِرَقل. جاء النبيَّ صلى الله عليه وسلّم السنة التاسعة في تبوك، ولم يكن أسلم يومئذ، ثُم أسلم. وحديثه في «مسند» أحمد. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «إني أرسلت كتابًا إلى هِرَقْل، فإِنَّ نجا»، ثم نقل أنه وضع كتاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في أنبوبة من ذهب، فكانت سلطنته في الروم، تصديقًا لما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلّم.
والحاصل أن المرادَ من هلال قيصر، ليس عن وَجْه الأرض، بل عن الوضع الذي كان فيه بعهده صلى الله عليه وسلّم مع الإِخبار ببقائه في الجملة، ولذا حملنا النهي على التخصيص.
3031 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ هَذَا - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ قَالَ فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ. أطرافه 2510، 3032، 4037 - تحفة 2524
والمرادُ به عندنا التوريةُ.