تكون في المَحْشر، وعنده نَفَخاتٌ أُخرى غيرُنا لمعانٍ أخرى، كالدعوة وغيرها، كما ترى اليوم في الجيوش، فإِنَّ كرّهم وفرهم، وحربهم وضربهم، كلُّها تكون بالبُوق - (بكل) -.
وحاصل هذا الجواب أن الاستثناءَ في النَّصِّ إنما هو مِن الصَّعْقة التي تكون عند النَّفْخة الثانية للإِماتة، وأما في الحديث، فالاستثناء فيه مِن الصَّعْقةِ التي هي مِن آثار النفخة الرابعة في المَحْشر، وهو بمعنى الغُشْي فقط، واستثناءُ موسى عليه الصلاة والسلام إنما هو من تلكَ الصَّعْقَةِ التي تكون في الحشر، فهو استثناءُ من الغُشْي لا مِمَّا هو في القران، بمعنى الموت، ليلزم عليه ما لزم.
قلت: وهذا إنما يتمُّ في سياقٍ لم يُذْكر فيه الآيةُ والذي فيه ذُكرتِ الآيةُ أيضًا، فالمتبادرُ منه أنه مُقْتبسٌ من القرآن، والصَّعْقةُ هي الصعقة، والاستثناءُ هو الاستثناء.
واعلم أنهم (?) اختلفوا في عدد النفخات، فقيل: ثنتان: نفخةٌ للصَّعْقَة، وهي التي يَفْزَع لها النَّاسُ، ثم يُصْعَقون، فابتداؤها يكون من الفزع، وانتهاؤها على الصعقة، ونَفْخَةٌ للبعث. وقيل: ثلاثٌ: نَفْخةً للفزع، وأخرى للصعقة، وأخرى للبعث. وقد عَلِمت خَمْس نفخاتٍ من «فوائد الشاة» عبد القادر. وراجع «الجمل (?) على الجَلالين». ثُم لا يَخْفى عليك أن بعضَ الفقهاء قد أنكروا الاستفاضة عن القبور مطلقًا، وذلك لفقدان تفاصيلِه في الشَّرع، فينبغي أن يُرجَع في أمثالِه إلى كلام العرفاء، فإِنَّهم أعلمُ بهذا الموضوعِ، ولكل فَن رجالٌ.
قوله: (فلا أَدْري) ... الخ، فيه رَدُّ على مَن ادَّعى الغَيْب كليًا وجزئيًا لِنَفْسه صلى الله عليه وسلّم والعجب مِن هؤلاء السُّفهاءِ أنهم كيف يَعْزون إليه أمرًا لا يدَّعيه هو لنفسه، بل ينفيه. فالله المستعان على ما يصفون.
2413 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ حَتَّى سُمِّىَ الْيَهُودِىُّ فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِىُّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. أطرافه 2746، 5295، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885 - تحفة 1391
2413 - قوله: (فَرُضَّ رَأسُهُ بَيْن حَجَرَيْن) واحتج به الشافعيةُ على المماثلة في القِصَاص،