والمعنى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم نهى عن بَيْعِ الرُّطب بالتمر نظرًا إلى ثاني الحال، لإفضائه إلى المنازعة، فبقاءُ بَيْعِها في الحالة الراهنة جائزةٌ، خارجةٌ عن قضيةِ الحديث. ومِن ههنا تبيَّن وجه سؤال النبي صلى الله عليه وسلّم أَيَنْقُضُ الرَّطَبُ ... الخ أيضًا. لأنَّ بُيوعَهم، في الرُّطب إذا كانت بهذه الرعايةِ ناسَب سؤاله قطعًا. فإنَّه إذا اتضح الرُّطب التفاضُل بين الرُّطَب. والتَّمر في ثاني الحال، تَبيَّن أن رعايتَه تُقْضي إلى المنازعة لا محالة: «فلا تَبِيعوه نسيئةً»، أي بهذه الرعايةِ، بل بيعوه باعتبار الحالةِ الراهنةِ، وهو معنى قوله: «فلا إذن»، أي إذا عَلِمتم النُقْصان في ثاني الحال، فَبيْعُكم بهذه الرعاية ليس بجائز. وجملةُ الكلام أن البيعَ المذكور جائزٌ عندنا باعتبار الحالة الراهنة، وغيرُ جائزٌ برعايةٍ إنْ تساوي التَّمر بعد اليَبْس، وهذا إذا حَمْلت النسيئةَ على المعنى المذكور. أما إذا حَمَلْته على معناه المعروف فلك أن تقول: إنَّ السؤالَ لِتعليم أَمْرٍ مُفِيدٍ فقط، وإن كان محطُّ الفائدةِ هو قَيْدَ النَّسيئة فقط. وقد قَرَّره المَرْجاني في «حاشية التلويح»، ولعله من باب التعارُض (?).

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015