القبض بالبَرَاجم، فإن ذلك في الصَّرْف. وفَهِمَ الناسُ أن معنى الدَّيْن عدم كونه موجودًا في مَجْلِسِ العقد، وإن كان موجودًا في الخارج.
والحاصلُ: أن الشرطَ في الأموال الرِّبَوِيَّة التعيينُ من الجانبين، وهو المراد من قوله: «هاءَ، وهَاءَ»، لِمَا عند مسلم في حديث عُبَادة: «عينًا بعين»، بدل: «هاء، وهَاءَ». وإنما يُشْتَرَطُ التَّقَابُض في بيع الصَّرْف، لأن الأثمان لا تتعيَّن بالتعيُّن، فلا بُدَّ له من القبض، بخلاف العروض. وقد ورقع ههنا سَهْوٌ من بعض مُحَشِّي «الهداية»، فاختلط عليه باب السَّلَم من باب الربا، فإنهم قالوا في السَّلَم: إنه لا يَصِحُّ إلا في أربعة أشياء: مَكِيلٍ، ومَوْزُونٍ، ومَذْرُوعٍ، وعدديًّ مُتَقَارِبٍ. ثم قالوا: إن الرِّبا يَحْرُم في كلِّ مكيلٍ، أو موزونٍ. فالْتَبَسَ عليه الأمر، فجعل السَّلَم في الأموال الرِّبَوِيَّة فقط، وهو غلطٌ فاحشٌ، فإن الرِّبا لا يجري في المَذْرُوعَات والعدديات، بخلاف السَّلَم. ثم المفهوم من كلام المتأخِّرين جواز السَّلَم في غير الأربعة المذكورة أيضًا، فإن الاستصناعَ أيضًا بيعُ معدومٌ. وإن لم يسمُّوه سَلَمًا، فاعلمه.
قوله: (الطَّعَام بالطَّعَام)، وإنما زَادَه بعد ذِكْرِ الزَّبيب، لأن له أحكامًا على حِدَة عند الشافعية، بخلافه عند الحنفية. فإنهم وإن ذكروا للمَكِيل والمَوْزُون أحكامًا، لكن ليس عندهم لنوع الطعام بخصوصه أحكام.
2171 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ كَيْلًا. أطرافه 2172، 2185، 2205 - تحفة 8360
2171 - قوله: (نهى عن المُزَابَنَةِ)، وهي المُخَادعة لغةً. وفي العُرْف: بيعُ الثمر على النخيل بتمرٍ مَجْذُوذٍ. ولا بُدَّ في التمر أن يكون مَكِيلا، أمَّا ما على الشجرة، فيكون مَخْرُوصًا، لا مَحَالة، وهو معنى قوله: «أن يَبِيعَ التمر بكيلٍ»، أي بشرط كيلٍ، لا أنه ثمن.
2172 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ قَالَ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ بِكَيْلٍ، إِنْ زَادَ فَلِى وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَىَّ. أطرافه 2171، 2185، 2205 - تحفة 7522
2172 - قوله: (إن زاد فَلِي (?) وإن نَقَصَ فَعَليَّ)، أي إن زاد فيكون مِلْكًا لي، وإن نَقَصَ