الإِمام محمد الباقر مرسلا في قصة أخرى: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم استأجر فيها» (?)، ولي من عند نفسي جوابٌ آخر، ذكرته في موضعه.

60 - باب النَّجْشِ وَمَنْ قَالَ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ

وَقَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ. وَهْوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ، لاَ يَحِلُّ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْخَدِيعَةُ فِى النَّارِ، وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ».

2142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّجْشِ. طرفه 6963 - تحفة 8348

والنَّجْشُ في اللغة: إغراءُ الكلب. وهذا البيعُ لا يَجُوزُ عند المصنِّف أصلا، لورود النهي عنه. قلتُ: النهيُ لا يَسْتَلْزِمُ البُطْلان دائمًا. فإنا نرى من عهد الصحابة إلى زمن الأئمة: أن النهيَ إذا وَرَدَ في محلًّ، يَحْمِلُه بعضُهم على الكراهة، وبعضُهم على البُطْلان، فلا كُلِّية فيه، ففي محلًّ كذا، وفي محلًّ كذا. والإِمامُ البخاريُّ يَحْمِلُهُ على البُطْلان في أكثر المواضع، وقلَّ موضعٌ يكون النهيُ وَرَدَ فيه، ثم حمله المصنِّفُ على الجواز، بل يَعْتَرِضُ على الحنفية بحملهم النهي على الصحة. ثم إن الشيخَ ابن الهُمَام قال في «فتح القدير»: إن النهيَ في العبادات لا يُوجِبُ البُطْلان، ونَاقِضُهُ في «التحرير»، فقال: إنه يُوجِبُهُ. وكان لا بُدَّ للشارح أن يُنَبِّه عليه: أن ما في «التحرير» يُخَالِفُ ما اختاره في في «فتح القدير». وكيفما كان تعبيرُه في «فتح القدير» أَوْلَى مما قاله صاحب «الهداية»: أن النهيَ عن الأفعال الشرعيَّة يُقَرِّر المشروعية، فإنه بعيدٌ جدًا، والأقربُ ما قاله الشيخُ ابن الهُمَام.

قوله: (وهو خِدَاعٌ بَاطِلٌ) ... إلخ، وأراد المصنِّفُ من نقل تلك الجزئيات: أن هذا البيع لا يَجُوز. قلنا: سلَّمنا عدم الحلِّ أيضًا، ولكن الكلامَ في نفاذه لو اقْتَحَمَهُ أحدٌ.

قوله: (الخَدِيعَة في النَّار) ... إلخ. وعُلِمَ أنه قد تحقَّق عندي تجسُّد المعاني، وقوَّاه الشيخُ الأكبر في «الفتوحات»، والدَّوَّاني في «رسالته الزوراء» بقوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49]، أي إنها محيطةٌ في الحالة الراهنة، ولكنها مستورةٌ، يَنْكِشُفُ عنها الغطاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015