فإن قُلْتَ: كيف وأنه قد جَزَمَ بعدم القضاء في صدر الصفحة قال أبو جعفر (?) - وهو ورَّاق البخاري: سألتُ أبا عبد الله البخاري، إذا أفطر يُكَفِّرُ مثل المكورة؟ قال: لا، أَلا ترى الأحاديث: لم يَقْضِهِ، وإن صام الدهرَ اهـ.

قلتُ: لا تنافي بين عدم الجَزْمِ باعتبار وجوب القضاء وعدمه، وبين الجَزْمِ بعدم إنابته مناب صوم رمضان باعتبار الثواب.

ومُحَصَّلُ الكلام: أن مرادَ البخاريِّ لا يتقرَّرُ إلا بعد الإِمعان في أمور: الأول: أن الكفَّارة عنده تعزيرٌ، وأنها ليست إلا بالجِمَاعِ، وأنه لم يَحْكُمْ بشيءٍ من إيجاب القضاء وعدمه (?).

30 - بابٌ إِذَا جَامَعَ فِى رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَىْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ

واعلم أن الترتيبَ في الكفَّارة بين الإِعتاق، والصوم، والإِطعامُ واجبٌ عند الجمهور، وهو نصُّ الحديث. إلا أن مالكًا تفرَّد (?) فيه، وقال بالتخيير، والظاهرُ أنه مذهبٌ مرجوحٌ. ويمكن العُذْرُ لمالك أن يكونَ الترتيبُ المذكورُ عنده محمولا على الذكر فقط، فلا يَجِبُ في الحكم. مع أن الحديثَ وَرَدَ عند الطحاويِّ، وغيرِه بحرف التخيير أيضًا، عن أبي هُرَيْرَة: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمره أن يكفِّرَ بعِتْقِ رقبةٍ، أو صيامِ شهرين متتابعين، أو إطعام سِتين مسكينًا». اهـ.

1936 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ «مَا لَكَ». قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا». قَالَ لاَ. قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَ لاَ. فَقَالَ «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ لاَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015