أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ - أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ - مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلاَّهَا صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ، وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ فِى حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. أطرافه 399، 4486، 4492، 7252 - تحفة 1840 - 17/ 1

40 - (أول صلاة صلاها صلاة العصر) وفي السير أنها الظهر وجمع الحافظ رحمه الله تعالى بينهما بأن أول صلاةً صُليت إلى بيت الله هي صلاة الظهر، نزل النسخ فيها بعد الركعتين (?) وكان النبي صلى الله عليه وسلّم إذ ذاك في مسجد ذي القِبْلتين، وأول صلاةً صلاها بتمامها إلى البيت هي صلاة العصر، وكانت في المسجد النبوي.

وفي «وفاء الوفى بأخبار دور المصطفى» للسَّمْهُودي وهو تلميذ ابن حجر رحمه الله تعالى ما يدل على أنها نزلت في المسجد النبوي، دون مسجد ذي القبلتين، والحافظ ذَهَلَ عنه. ثم رأيت في تفسير الشيخ محمود الآلوسي رحمه الله تعالى عن حاشية السيوطي رحمه الله تعالى على البيضاوي: أنه كان يرذُ توجيه الحافظ، ويرجح رواية السِّير على «صحيح البخاري»، والسيوطي رحمه الله تعالى وإن لم يكن مثل الحافظ، لكن رأيت الآلوسي رحمه الله تعالى أيضًا اختار ترجيح رواية السير، فترددت فيه بعده أيضًا.

(فمر على أهل مسجد) قال العيني: إن هؤلاء أهل مسجد القِبْلتين، ومرّ عليهم المار في صلاة العصر، وأما أهل قُباء، فأتاهم آتٍ في صلاة الصبح.

(وأهل الكتاب) قيل: إن كان المرادُ منهم اليهود فقد مر ذكرهم، وإن كان النصارى فليست قِبلتهم بيت المقدس، بل هي بيت لحم، جانب الشرق من بيت المقدس، وهو مولد عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام، فكان الأمران عندهم سواء، فَلِمَ سخطوا على التحويل عنها؟ والجواب: أن المراد منهم النصارى، ووجه إنكارهم أن النبي صلى الله عليه وسلّم إذا كان يستقبلُ بيتَ المقدس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015