ورُوي عن عمر بن عبد العزيز أن الإِشعار مستحبٌّ، ويجيء زمان يجعله الناس نَكالا، وهو بالإِفراط فيه. وأخرج الترمذي عن وكيع حين روى حديث ابن عباس في الإِشعار، قال: لا تنظروا إلى قولِ أهل الرأي في هذا، فإِن الإِشعارَ سنةٌ، وقولَهم: بدعةٌ. وحمَلَه القاصرون على أنَّ وكيعًا لم يكن في بردِ صدرٍ من الإِمام الهُمَام. قلتُ: وليس كذلك، فإِن قوله لا يُبنى على مخالفته أصلا، بل من سجيةِ النقي التُّقى، أنه إذا عَرَضَ عليه شيء مما خالف الحديث، يأخذه غضبٌ وسخطٌ في الله، من غير نظر إلى القائل، وهذا الذي اعتراه ههنا، لا أنه تعصُّبٌ، كيف وأنه كان يفتي بمذهب أبي حنيفة، كما في «كتاب الضُّعفاء» لأبي الفتح الأَزدي، و «التهذيب» في ترجمته.

قوله: (وقلد بذي الحليفة) ... إلخ، يدل على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أحرمَ من ذي الحُلَيفة، وهذا في الحُدَيْبِيَة، كما في الحديث. فدلَّ على تعينِ المواقيت قبلها، وأنكرها الشافعية ليفيدهم في نكاح المحرم، كما سيجيء تفصيله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015