قلتُ: وفيه نظرٌ، لأن بيعَ تلك وإن جاز في نفسه، إلا أنه لا يجوز غصبًا عند أحد. وهذا عقيل قد بَاعه كذلك، فإنه باع في حياتهم، فلا يكون توريثًا بل غصبًا، وعدمُ تعرض النبي صلى الله عليه وسلّم يمكنُ أن يكون مروءةً (?).

ثم إن الشافعية كتبوا: أن المهاجرين إذا كانوا يهاجرون من مكة لم يأخذوا من أموالهم شيئًا، وذلك لأنهم إذا تركوا الدار، تركوا ما اكتسبوا فيها من الأموال، فكأنهم رأوا أنَّ من تمامِ هجرتهم أن لا ينتفِعُوا من أموالهم أيضًا (?)، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ... إلخ.

قلتُ: ويعلم من قِصة حاطب بن أبي بَلْتَعة أنَّ الصحابَة رضي الله تعالى عنهم كانوا يحبون حماية أموالهم بمكة، ولذا أراد حاطِبُ أن تكون له يدٌ عليهم، إذ فاتته قرابته منهم، فكان من أمره كما في الحديث. فهذا دليلٌ على بقاءِ قبضتهم على تلك الأموال، وحينئذٍ بيعُ عقيل ليس بصحيح، فالاستدلال في حَيِّز الخفاء.

45 - باب نُزُولِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ

1589 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ «مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». أطرافه 1590، 3882، 4284، 4285، 7479 - تحفة 15172

1589 - قوله: (بخيف بني كنانة)، أخذ المسألة من الإِضافة.

1590 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ». يَعْنِى ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَوْ بَنِى الْمُطَّلِبِ أَنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ، وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015