العلماء أنَّ العبرةَ في مثله بالحال الأول، أو الآخر. ثم إن العلماء صرَّحوا أن السلاطين قد وَقَفُوها مِرارًا. وإذًا لا يجوز بيعُها عند الشافعية أيضًا، فهي عندنا موقوفةٌ بوقفِ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وعندهم بوقف السَّلاطين.

هذا في الأراضي، بقيت الدُّور، فالمذهب عندنا أنَّ البناءَ على الأرض الموقوفة مِلكٌ للمالك، نعم، يجري الخلافُ في الدور التي كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم وفي «الدر المختار» من باب الحظر والإِباحة: أنه يجوزُ بيعُ دورِها وأراضيها. قلتُ: أما بيع الدور فكما قال، وأما بيع الأراضي فلا يجوز عندنا، على ما علمت من المذهب. وراجع له «الجامع الصغير» لمحمد، فإنها موقوفةٌ عندنا.

وما رُوي عن أبي حنيفة أنه كان يَكْره إجارةَ البيوت في الموسم، فهي مسألةٌ أخرى، لا تدخل في هذا الباب، ولا تدل على وقْفِ الدور عنده، فإنها لرعاية الحاج، لأنه إذا كان عندك فضلُ بيتٍ، فالذي تقتضيه الفِطرة أنْ لا تؤجِرَها للحجاج، بل يُباح لهم فيها السكنى، وتُضِيْفُ زوَّار بيت الله. وفي «الدر المختار» أنه كان يكره الإِجارة لقوله تعالى {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} وفيه في باب الشفعة: فصح بيعُ دورِ مكة، قلتُ: فالإِجارة بالأولى، وراجع كلام الطحاوي (?) من باب بيعِ دُور مكة، وإجارتها. فقال: لا يجوزُ بيعُها، وإجارتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015