ولأجلِ ذلك أمرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بعد الحج أن تعتمرَ من التَّنْعِيم، تلافيًا لما فاتها، وجبرًا لانكسارها، ولو كان المقصودُ منه تطييبُ خَاطِرِها فقط، لما احتاج إلى هذا التطويل، واكتفى بتعليمِ المسألة إياها فقط، أو بإِخبارها عن نفسه أنه لم يؤد أفعالها مستقلة أيضًا. ولو أخبَرَها أنه لم يَطف للعمرة أيضًا، كما أنها لم تطف لها لطابتْ نفسًا، ولآثرت موافقتها إيَّاه في الأفعال على ألف عمرة، ولم يرفع إليها رأسًا أصلا، فهذه قرائن أو دلائل على أنها كانت مفردةً قطعًا، ولم تكن قارنةً إن شاء الله تعالى.
1561 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نُرَى إِلاَّ أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْىَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ قَالَ «وَمَا طُفْتِ لَيَالِىَ قَدِمْنَا مَكَّةَ». قُلْتُ لاَ. قَالَ «فَاذْهَبِى مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّى بِعُمْرَةٍ ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا». قَالَتْ صَفِيَّةُ مَا أُرَانِى إِلاَّ حَابِسَتَهُمْ. قَالَ «عَقْرَى حَلْقَى، أَوَمَا طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ». قَالَتْ قُلْتُ بَلَى. قَالَ «لاَ بَأْسَ، انْفِرِى». قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - فَلَقِيَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهْوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا. أطرافه 294، 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - تحفة 15984
أحال الفصل على الناظرين.
1561 - قوله: (لا نرى إلا الحج)، مع أنها قالت من قبل: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم حَجَّة الوداع، فأهللنا بعمرة، كما مر في: باب كيف تهل الحائض، وكلاهما صحيحان. فإنها كانت تريدُ الحجَّ بعد العمرة، أو قولُها: «لا نرى إلا الحج»، بيانٌ لحالهم إلى ذي الحُلَيفة، فإذا بلغوا ذا الحُلَيفة افترقوا على أحوال. على أنَّ الحصر فيه بالنسبة إلى الأفعال الأخر، لا بالنسبة إلى التمتع والقِرَان، أي ما كنا نريد الدنيا وزينَتَها، إنَّما كنا نريدُ الحج، لأنَ الموسم كان له، وهذا عرفٌ جيد (?)، وهو العرفُ في الهند، فإنَّ الناس إذا خرجوا لزيارة البيت لا يقولون إلا: إنا نريد الحج، وإن كانت من نيتهم العمرة، أو القِرَان، أو الإِفراد، فكأن الحج عندهم في مرتبة المقْسَم، والتمتع وغيره من أقسامه. أو لكونه متبُوعًا، والعمرة تابعة له.