ويتبادَرُ من إطلاق الزكاة عليها، أن يشترطَ لها أيضًا ما يشترطُ للزكاة، فيثبت لها النِّصَابُ من هذا الطريق. لكن لما كان باب صدقة الفطر بابًا مستقلا، ناسب أنْ تتعرضَ الأحاديثُ إلى نِصَابها أيضًا كذلك. والتمسكُ لها من الإِطلاقات والعُمُومَات لا يكفي، وجرُّ أحكام بابٍ إلى باب لا يشفي. فالأولى عندي أن يكون المختارُ في العمل مذهب الشافعي، فإنَّه لا بأس بأداء الصدقة عند أحد، وهو الذي ينبغي في الأضحية.

72 - بابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

1504 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أطرافه 1503، 1507، 1509، 1511، 1512 - تحفة 8321

واختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال:

الأول: أنها تجبُ على الموْلى عن عبده.

والثاني: أنها تجب على العبد، إلا أنَّ مَوْلاه مأمورٌ أن يُمكِّنَ عبده على أدائها، وهو مذهب أهل الظاهر.

والثالث: أنها واجبة على العبد، لكنَّ مَوْلاه يؤديها عنه.

ثم إن المولى هل يخرِجُها عن عبيده المسلمين فقط، أو الكافرين أيضًا؟ فقال الشافعي بالأول، واحتج بحديث الباب. والجواب عنه: أما أولا: فبأن مالكًا تفرَّدَ فيه بقيد «من المسلمين» كما ذكره الترمذي. قلتُ: ولكن الشيخَ أخرجَ له متابعات في «الإِمام» (?). وأما ثانيًا: فبأن القيدَ المذكورَ راجعٌ إلى المَوَالي (?). وأما ثالثًا: فبأن رواية ابن عمر ومذهبه، إخراج الصدقةِ عن العبيد مطلقًا.

وأما البخاري فزعم بعضهم أنه اختار مذهب الشافعية نظرًا إلى هذه الترجمة. قلتُ: لا دليلَ فيها على ما راموه، بل هو متردد فيه، أو هو موافق للحنفية، ولذا حذف القيدَ المذكور من الترجمة الآتية، وإنما ذكره في الترجمة الأُولى نظرًا إلى لفظ الحديث، للإِشارة إلى عبرته، ولذا حذفه من الترجمة الثانية، كأنه أشار بذلك إلى أنه ينبغي أن يُمعِنَ النظرَ في أن هذا القيدَ اتفاقي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015