قلتُ: وقد أجاب عنه العيني، فراجعه (?)؛ وأجاب ابن بَطَّال عن المناقضة: إن الذي أجازه أبو حنيفة كتمانه فيما إذا كان محتاجًا إليه، وتأوَّل أنَّ له حقًا في بيت المال، ونصيبًا في الفيء، فأجاز له أن يأخذ الخُمُس لنفسه عِوضًا عن ذلك، لا أنه أسقط الخمس عن المعدن بعد ما أوجبه.

وقال الطحاوي (?): إن الواحد إن زعم أنه من مُستحقِّي الخُمُس، وإن رَفَعَه إلى بيت المال لا يُعطى منه، وَسِعَ له أن يصرفه إلى نفسه، وكذا في فقه الحنفية: إن المال الذي يُرفع إلى بيت المال إذا تعين له المصرفُ، وقد علم أنه لا يُصرفُ إليه، وَسِع له كِتمانه، وصرفُه إليه بنفسه، فليس هذا مناقضة. بل نقل جزء من باب إلى باب آخر. وقد مر مني أنه يجوزُ للمجتهد، فإِن الجزءَ الواحدَ قد يندرجُ تحت أبوابٍ شتى، فيدرِجُه المجتهد تحتَ باب منها باجتهاده.

ولنا حديث أخرجه أبو يوسف في «كتاب الخَرَاج» إلا أن في سندِه عبد الله بن سعيد المقْبُري، وهو ينسب إلى الضَّعْف. وأيضًا أخرج محمد في «الموطأ» وفيه: فتلك المعادن إلى اليوم لا تؤخذ منها إلا الزكاة. قال محمد: ... قال صلى الله عليه وسلّم «وفي الركاز الخمس، قيل: يا رسول الله، وما الرِّكَاز؟ قال: المال الذي خلق الله يوم خلقها» ... إلخ. ففسر فيه الركاز بالمعدن، «وفي الركاز الخمس» بالنص، فثبت الخمس في المعدن أيضًا. ولنا أيضًا ما عند أبي داود: كتاب اللقطة عن عبد الله بن عمرو بن العاص في حديث: «وما كان في الخَرَاب، يعني ففيها وفي الرِّكَاز الخُمُس». انتهى. حيث أوجب فيه الخمس في ظاهرها وباطنها، والمسألة عندي من باب التفقُّه، والنص المذكور فيها ليس نصًا لأحد من الطرفين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015