صاحب الوحي، ثم آلَ أمرُهم إلى الخير آخرًا، فلعله يتوبُ فيتوبُ الله عليه.

قوله: (فأغناه الله ورسوله)، ونسبة الإِغناء إلى الرسول ههنا على طريق المجاورة فقط، فإِن المباشر حقيقةً هو الله تعالى، ورسولُه مسبِّبٌ فقط. إلا أنه يُسامَحُ في العرف، فيسندُ الفعل إلى المسبِّب، كالمُبَاشر، فهذه دقيقةٌ ينبغي أن لا يُغْفَل عنها. وقد نَبَّه عليها القرآن أيضًا، وهو قوله تعالى {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: 104] حيث لم ينه عنه ابتداءً، حتى إذا رأى في إطلاق هذا اللفظ مضرةً، من حيث إن اليهود كانوا يلوون ألسنتَهم فيه، نهى عنه. فالمسألة في إطلاق الألفاظ التي يكون لها وِجْهةٌ من الجَوَاز أن يُغمضَ عنها ما لم تقع منه مضرةٌ. وهذا كما ترى في نسبة الإِغناء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإِنه إن أوْهَمَ نسبتُه إليه على طريق الحقيقة فهو ممنوعٌ قطعًا، وإن لم يبالغ فيه الجهلاء، وأطلقوه على وجهِهِ فهو جائزٌ ولا ريب، كيف وقد وقع في الحديث ونحوه لفظ: يا رسول الله.

قوله: (وأما العباس) قيل: إن العباس إنما أنْكَرَ الزكاة لأنه أحسَّ ترفعًا في كلام عمر. أما عمر فإنه كان عمر، لكنَّ العباسَ كان عمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإنما عم الرجل صِنْو أبيه، فَكَرِه منه الكلام.

وحينئذٍ معنى قوله: (ومثلها معها) (?) إنكم تزعُمون أنه ينكرُ الزكاةَ، وأنا ضامنٌ له أنه يُعطي لكم زكاته مرَّتين. وقيل: إنه لم يُنكر الزكاةَ، ولكنه صلى الله عليه وسلّم كان يستوفي منه الزكاة لسنتين، فأنكرها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015