قوله: (فأخذوا قصبة يذرعونها) ... إلخ، وذلك بعد ما خرج من عندهن (?)، ولو كان بين يديه لما كان فيه قلق أيضًا، فإنَّ المقصودَ كان هو الإِخفاء، والإِبهام على السنة في مثل تلك الأبواب، فطاح ما كفر به هذا اللعين، فإنَّ من أصوله أن الأنبياء عليهم السلام قد لا يفهمون ما يُوحى إليهم أيضًا والعياذ بالله. نعم، هذا من دَجَلِهِ، والذي ينبغي عليه الاعتقاد أن أنباءهم لا يشوبها كذب، فلا يغلَطُون فيها، ولا يُغالَطُون، وإنما هو طريق من لا يخبر إلا بالدَّخ، فيخلِطُ معه ألف كذبة من عند نفسه، فإنْ وجدتَ في موضعٍ نقصًا أو زيادةً من أخبار الرسل، فإنما هو من جهة الرواة، ولكونها منقولة بطريق خبر الآحاد، فلا يُؤْمَنُ بكونها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلّم لا أن أخبار الأنبياء عليهم السلام قد تشتمل على الغلط، ونعوذُ بالله من الزَّيغ، وأن عدمَ القطعيات بالظنيات ليس من دأب الإِنسان.

وأما قصة الحُدَيْبِيَة فهي أيضًا مما تمسك بها على كفره، مع أنه لم يرد فيها توقيت، ولا أنه سافر لذلك. وأما الرجاء والقصد، فليس من الأخبار في شيء، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أخبر أبا بكر رضي الله عنه بغلبة الروم، فرجى أبو بكر رضي الله عنه أن يكون هذا في المدة التي مادَّها، ثم لم تُغلب الروم فيها. ولذا قال له عمر رضي الله عنه: ومتى قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إنها تكون في تلك السنة؟، فالأخبارُ عن الأنبياء عليهم السلام لا يحملُ الغلط أصلا، نعم، الرجاء والقصد أمر آخر، فإنَّ بناءهما يكونُ على الأسباب الظاهرة.

والحاصل: أن الأمة إذا أجمعتْ على صِدق أخبار الأنبياء عليهم السلام، فخلافُه بنوعٍ من الحيل، والتمسك بالمحتَمَلات كفرٌ بحتٌ.

13 - باب صَدَقَةِ الْعَلاَنِيَةِ

وَقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} إِلَى قَوْلِهِ {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 274].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015