ذئب عنه قبل الاختلاط. وعلى هذا فالإِسنادُ حَسَن، ولو قلت: صحيحٌ، فأيضًا سائغ. وعند ابن أبي شيبة أيضًا: «فلا صلاةَ له».
وقد استدلَّ محمد رحمه الله تعالى في «مُوطئه» أن مُصَلَّى الجنائز (?) في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان بِجَنْب المسجدِ. فهذا دليلٌ قويٌّ على أن صلاةَ الجنازةِ ينبغي أن تكون خارجَ المسجد، حتى أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لما بلغه نَعْيُ النَّجاشيّ خَرَج إلى خارج المسجد ولم يصلِّ فيه. ولم يَثْبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنه صلَّى في المسجدِ إِلا مرةً أو مرتين.
وللشافعيةِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلى على ابني بيضاءَ في المسجدِ. هكذا عند مسلم. وهو وَهْم فإِنَّ سَهْلا عاش بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإنما هو سَهْلُ بن بيضاءِ. قال السَّرَخْسي في «المبسوط»: وفيه مِن تَطَرُّقِ الأَعذار ما لا يخفى نحو كونه معتكِفًا، أو لِعِلَّة المطر. بقِيت واقعةُ سعد بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فما تحصَّل لي فيها بعد التنقيح: أنَّ أمهاتِ المؤمنين إنما أَرَدْنَ الدعاءَ عليها فقط، فمرَّ بها مَنْ في المسجد وصلَّى عليه خارِجَ المسجد، فتسامح فيه بعضُ الرواةِ وعبَّروا عن دعائهنَّ في المسجد بما أَوْهم صلاتَه في المسجد، مع ثبوت الإِنكار من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم عليها. هكذا يُستفاد من «الطبقات» لابن سعد (?).
ثُم إنَّ البخاريَّ رحمه الله تعالى لم يخرِّج حديثَ ابني بيضاء، بل أخرج حديثَ النجاشي وهو حُجةٌ للحنفيةِ. وحينئذٍ وَسِع لي أن أقول: إنَّ البخاريَّ ذهب إلى مَذْهب الحنفيةِ. ولا تمسُّك في صلاتِهم على عمرَ وأبي بكر رضي الله عنهما في (?) المسجد، فإِنَّهما قد دُفِنا في روضته الشريفة، ولم يكن الطريقُ إليها إِلا من المسجد، فلما رأوه أنه لا بد مِن إدخالهما في