حاول الرد المباشر على مقالتي بخط يده وفي صحافته لهزئنا من بلادته.
فماذا فعل؟
إنه بكل بساطة أوكل الأمر إلى زعيم سياسي، فكتب هذا الزعيم مقالة في الموضوع، نشرت أسبوعاً بالضبط بعد مقالتي وفي نفس الجريدة- جريدته من مال الشعب- وقال فيها مما قال: ((فلهم إذا شاؤوا أن يفسروا القضية إلى جمهورنا، الذي يندفع أحياناً إلى تبسيط الأشياء، على أنها قضية تمت إلى الجنس والدين. أما نحن فنذكرهم أن شخصاً مثل الجلاوي وآخر مثل الكتاني، ينتسبان أيضاً إلى جنسهم وإلى دينهم.)) (الجمهورية الجزائرية 9/ 10/ 1953).
هذا ما كتبه ذلك الزعيم، ولم يقل بطبيعة الحال أنه يرد علينا ولكن القارئ أدرك ذلك من الكلمات نفسها، كما أدرك ما تعني هذه الكلمات ذاتها كتأييد للإستعمار في ظروف يريد أن يصور كل ما حدث فيها على أنه مجرد نزاع بين الملك وبين الجلاوي والكتاني.
إن القارئ أدرك ما يستطيع الاستعمار في البلاد المستعمرة على وجه العموم والبلاد الإِسلامية المسكينة على وجه الخصوص.
ومما يزيد في هول الموقف، أنني حاولت، بعد ما نشر هذا الرد المقنع، حاولت أن أنشر مقالتي باللغة العربية حتى تؤدي مفعولها بصورة مباشرة، فأرسلت بها إلى جريدة جمعية العلماء ((البصائر)) وأوكلت لها أمر الترجمة والنشر.
فلم تفعل شيئاً. لأن جهازها الصحافي باللغة العربية وباللغة الفرنسية، كان كله تحت تصرف عملاء نعرفهم، وأردنا أن نكشف أمرهم في حديثنا مع الشيخ العربي التبسي في مناسبات مختلفة، ولكن دون جدوى، لأن فضيلة الشيخ رغم ما نعرف له من سمو أخلاق، لم يكن يفقه معنى لأسلوب الصراع الفكري. حتى عندما يكون هذا الأسلوب في منتهى الوضوح.