في مهب المعركه (صفحة 150)

ينتهي- لأسباب اجتماعية ونفسية موروثة- عند تحصيل الشهاد ... أي عند النقطة التي تبتدىء منها النخبة، في البلاد الأخرى، العمل الفكري الجدي ...

وبما أن رجل الشعب هو الذي يقوم بدور ((القارئ)) في الجزائر، فإنه يجب علينا أن نقدر الصعوبات التي تعترضه في هذا الدور. والواقع أن هذه الصعوبات التي تعترض رجل الشعب كـ ((قارئ)) ليست من الجانب الفكري، فرجل الشعب على غاية من الذكاء، لأنه يمارس الأفكار بقلبه وعقله معا، بينما لا يقرأ ((المثقف)) عندنا إلا بعقله. فرجل الشعب يتمتع إذن بالبداهة الصادقة، وقوة الإدراك لأنه يرى الأشياء بنور قلبه الصادق ... شريطة أن لا تعترضه الصعوبات الشكلية، الناتجة عن تعقد اللغة المستعملة، وتشابه المفردات، وغموض بعض الكتاب المعجبين بسحر البيان وزخرف الكلام.

أما فيما يخصني، فربما أعطيت في بعض الظروف دروساً لرجل الشعب الذي يقرأ، لكنني كثيرا ما أخذت منه دروساً في ظروف أخرى (?) وفي موضوعات شتى ...

ومهما يكن الأمر، فإِن القضية تتضمن وجهين. فإذا اغبرنا القارئ كـ ((تلميذ)) من ناحية، فإنه يجب أن نعتبره كـ ((أستاذ)) من ناحية أخرى ... في الظروف التي يدلي فيها بأفكاره، وهو يدلي بها دائما في منتهى الوضوح.

أليس له الحق إذاً أن يطالبنا بالوضوح نفسه، عندما نقدم له شيئا من أفكارنا؟.

فهذه الاعتبارات كلها قد أوحت لي بها ظروف مختلفة من ظروف الصراع الفكري، من بينها تلك المقالة التي نشرتها تحت عنوان ((أقلام وأبواق الاستعمار)).

لقد هدفت في كتابة هذه المقالة إلى أن أبين أن الاستعمار تواق إلى الانسجام مع الظروف الجديدة، وكيف يختار الوسائل المناسبة لهذه الظروف. أو بعبارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015