سبق لي أن نشرت في هذه السلسلة دراسة تحت عنوان ـ[الصراع الفكري في البلاد المستعمرة]ـ.
ولكنني شعرت خلال بعض ملاحظات أبداها إخوان يهتمون بهذه القضايا، أنه ربما يتبقى- عند من يقرأ تلك الدراسة من دون خبرة سابقة بالموضوع- يتبقى عنده شيء من الإِبهام حول الفكرة العامة التي يعرضها الكتاب. إبهام يتطلب رفعه مزيدا من التوضيح، حتى لا تبقى هذه الفكرة في نظر القارئ مجردة، لا تحيط بها إلا العموميات، وإلا الاعتبارات النظرية التي نفس فكرة الصراع هذا.
فالقارئ يريد الدخول في الموضوع عن طريق الظروف الواقعية، والتفاصيل المادية التي تحيط بفكرة الصراع الفكري، كما يحيط الوسط الطبيعي بالكائن الحي الذي يتكون فيه، ويتضمن كل الشروط اللازمة لتكوينه ونموه.
إن فكرة الصراع الفكري تكونت عندي في ظروف معينة وفي نطاق تجربة شخصية لم نستطع إلا ذكر بعض تفاصيلها عند الحاجة أما وصفها بالتفصيل فذلك نمسك عنه لسببين: لأن هذا الوصف لا يكون مجدياً إلا في كتاب مذكرات، ولأن بعض التفاصيل لا يتقبلها القارئ، حين يصورها الاستعمار كمبالغة مقصودة، حتى إن الكاتب يخطىء حين ينقلها بقصد الإِفادة.
إذ أسلوب الصراع الفكري يفرض أن لا تقال كل الوقائع التي تتصل به، ولا تذكر كل الظروف التي تحيط به في لحظة معينة.
فهناك حد وسط يجب التزامه بين الإِفراط الذي يستغله الاستعمار على