على أنَّ إعلان الجهاد ضدَّ دار العهد أو فسخ عقد الأمان المعطى للمعاهدين، يعد حقًّا خاصًّا للإمام أو من يفوِّضه، الشأن في ذلك كالشأن في إقامة الحدود والقصاص، وإدارة شؤون الدولة، وتجهيز الجيوش، وغير ذلك من الوظائف التي يختصُّ بها ولي الأمر دون غيره، والمقصد الشرعيُّ المبتغى من اختصاص الإمام بهذه الوظائف تحقيق انتظام أمر الأمَّة وتحقيق الاستقرار والأمن والأمان لأفرادها، وقطع دابر الخلافات والنزاعات لتحقيق مصالح شخصيَّة أو خاصَّة، فلو لم يختصَّ الإمام بهذه الوظائف لأدَّى ذلك إلى الهرج والمرج في المجتمعات ذلك لأنَّ إعلان الجهاد أو إقامة الحدود والقصاص يصبح محلَّ نزاع وخصام بين الرعيَّة، فمن الوارد أن يعلن فرد الجهاد، ويعلن آخر عدمه، كما أنَّه من الوارد أن يدعو أحد إلى إقامة الحدود بناءً على اجتهادٍ ترجَّح ويعلن آخر عدم ذلك، فيتزعزع الأمن وينتشر الاضطراب، فيضعف كيان الأمَّة وتذهب ريحها نتيجة خلافاتها ونزاعاتها الداخليَّة. وأما إذا قصَّر الإمام أو ولي الأمر عن القيام بواجب الجهاد المشروع، وامتنع عن الدفاع عن بيضة الإسلام، فإنَّ الجهاد إن كان لا بدَّ له من أن يعلن، فإنَّه يجب