وهو أن تتناول السورة جملة من الموضوعات، ثم تقف عند نهاية كل قسم منها أو عند بداية قسم جديد منها فتجعله محطة توقف لتعود إلى المحطة ذاتها بعد أن تقطع رحلة ما، وتكرر هذه الرحلات ويتكرر الوقوف عند نفس المحطة. ومثاله: سورة (المرسلات) حيث ينتهي كل واحد من موضوعاتها عند مقطع يقول {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} (?) .
4 - البناء التمهيدي
وهو أن يكون كل واحد من موضوعات السورة ممهداً للموضوع الذي يليه، مثل سورة المطففين التي بدأت الحديث عن التطفيف، وربطته بالجزاء الاُخروي {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم} (?) ، ثم تحدثت عن الجزاء الاُخروي {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ثم ربطته بالسلوك الدنيوي {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون} (?) .
وكل واحد من هذه الأشكال الأربعة يتم على نمطين:
1 - النمط التكميلي
وهو أن يتناول كل قسم من أقسام السورة جزءاً من الموضوع، ثم يطرح خلاله موضوعاً آخر، ثم يكمل الموضوع الأول، وهكذا ومثاله سورة الطلاق التي تحدثت عن العدة وعدم إخراج المطلقة، وانتقلت إلى الحديث عن حدود الله تعالى، ثم استكملت ذلك بالحديث عن إخراج المطلقة عند بلوغ الأجل، ثم انتقلت إلى الحديث عن التقوى والرزق والتوكل، ثم عادت ثالثة إلى الطلاق فتحدثت عن اليأس، والتي لم تحض، وذات الحمل، ثم تحدثت عن التقوى وتكفير السيئة وتعظيم الأجر، ثم عادت لاستكمال الحديث رابعة عن المطلقة، وهكذا. فالملاحظ أن مسائل الطلاق ومستوياته قد طرحت على شكل أجزاء يكمل أحدها الآخر بعد قطعه بموضوعات اُخرى.
2 - النمط المتموج
وهو أن يتناول كل قسم من أقسام السورة موضوعاً خاصاً، ولكنه يتكرر في سياق جديد، وحينئذ يصبح كالموجة التي تتصاعد وتتنازل على نحو استمراري. والفارق بين هذا النمط وسابقه، أن سابقه يضطلع عملية التكرار فيه بتكملة الموضوع، وأما هنا فيضطلع التكرار إعادة الموضوع ذاته ولكن في سياق جديد، ومثاله، ما نجده في سورة الشعراء: فالله سبحانه يخفف عن رسوله وحبيبه ما يجده من الألم بحيث يكاد يهلك نفسه تحسراً على إعراض قومه عن الايمان، ويسليه بذكر قصص الأنبياء قبله من أقوامهم (موسى وإبراهيم ونوح وهود (عليهم) وهي تختلف سياقاً وتتحد موضوعاً، متوجاً كل مقطع عن واحد منهم بآيتين هما: {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين، وإن ربك لهو العزيز الرحيم} .
من حيث الموضوعات
إن كل سورة تتضمن فكرة أو أكثر، كما تتضمن موضوعاً واحداً أو أكثر، ولذلك نجد أن السورة القرآنية الكريمة تخضع لواحد من الأبنية الآتية لأفكارها وموضوعاتها المجسدة لتكلم الأفكار:
1 - وحدة الفكرة ووحدة الموضوع: أي أن السورة تتضمن فكرة واحدة، وتتضمن موضوعاً واحداً لتجسيد الفكرة، ومثالها:
سورة (الفيل) التي تتضمن فكرة هي: أن الله تعالى يقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه التعرض للكعبة، وتتضمن موضوعاً واحداً هو الحادثة العسكرية التي هزم فيها العدو.
2 - وحدة الفكرة وتعدد الموضوعات: أي أن السورة تتضمن فكرة واحدة، ولكنها تتضمن موضوعات متنوعة لتجسيد الفكرة، ومثالها سورة (الكهف) حيث تتضمن فكرة {زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} والموقف منها إلاّ أن الموضوعات التي جسدت الفكرة المذكورة قد تنوعت في قصص أهل الكهف وصاحب الجنتين وذي القرنين ... الخ.
3 - تعدد الموضوعات وتعدد الكفر: أي أن السورة تتضمن أكثر من فكرة وأكثر من موضوع، ومثالها: سورة المطففين التي تتضمن جملة موضوعات وجملة أقكاؤ مثل: التطفيف، السخرية من المؤمنين، الجزاء الاُخروي. وكل واحد من هذه الموضوعات ينطوي على فكرة يعبر عنها الموضوع ذاته.
من حيث الأسباب