وترك الشرك والضلال وعبادة المخلوق للمخلوق ومقارعة الحجة بالحجة لا بالقوة والاحتيال.
هذا وقد وردت روايات كثيرة عن كيفية إلقام إبراهيم عليه السلام في النار التي أججت له بعد جمعهم لها الحطب الكثير ولما تأججت واشتعلت وعلا لهيبها إلى عنان السماء أتوا بالمنجنيق - وهو آلة حربية كانت تستعمل في الحروب للقذف يقذف بواسطتها ما يريدون قذفه إلى المدى البعيد - فوضعوه في كفة المنجنيق ورموا به في تلك النار بعد أن أوثقوه وربطوا يديه حتى لا يفر وهنا تدخلت العناية الربانية لإنقاذ خليل الرحمن من المحنة والهوان اللتين سلطتا عليه بسبب موقفه من الشرك والمشركين، فأمر أحكم الحاكمين إذ هو الحاكم المطاع الذي لا حاكم غيره بيده الأمر والنهي وله الطاعة المطلقة على كل مخلوق ما عدا البعض من بني آدم فإنهم تجبروا وعصوا خالقهم، فأخر عقوبتهم إلى حين، من عير أن يعجز عنهم أو يخرجوا من قبضته فكل شيء طوع أمره وإرادته - أمر الواحد القهار النار فقال (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) فكانت النار المطيعة لخالقها لذيذة على إبراهيم فلا هي بالحارة المحرقة ولا هي بالباردة المؤذية بل كانت، وسطا بينهما فسلب منها إحراقها وحرها وشدتها فكانت بين الحرارة والبرودة يستلذ بها إبراهيم - وهذا عكس ما أرادوه له - فلم تمسه بمكروه ولم تؤثر فيه بشيء ولو كان قليلا، إنما